«الفصل الرابع»
فى امتناع تعلق القدرة الحادثة بمقدورين
مذهب أكثر أصحابنا : امتناع تعلق القدرة الحادثة بمقدورين معا ، وعلى سبيل البدل ، وسواء كانا ضدين : مختلفين ، أو متماثلين. أو مختلفين : من غير تضاد ، وأنها لا تتعلق إلا بمقدور واحد.
وذهب أكثر المعتزلة : إلى أن القدرة الحادثة : تتعلق بجميع مقدورات العباد المتضاد منها ، وغير المتضاد.
واختلف قول أبى هاشم : فى القدرة القائمة بالقلب ، والقدرة القائمة ببعض الجوارح.
فقال مرة : القدرة القائمة بالقلب تتعلق بجملة أفعال القلوب : كالاعتقادات والإرادات / ونحوها ، ولا تتعلق بغيرها من الحركات ، والألوان ، والاعتمادات. وكذلك القدرة القائمة ببعض الجوارح تتعلق بجملة أفعال الجوارح من الأكوان ، والاعتمادات ، ولا تتعلق بشيء من أفعال القلوب.
وقال مرة أخرى : كل واحدة من القدرتين تتعلق بجميع المقدورات من أفعال القلوب ، والجوارح ، غير أنه امتنع اتحاد أفعال الجوارح بقدرة القلب لفقد الآلات ، والبنية المخصوصة ، وكذلك بالعكس.
وقال مرة : القدرة القائمة بالقلب تتعلق بأفعال الجوارح ، ولا عكس.
وذهب ابن الراوندى ، وكثير من أئمتنا (١) : إلى أن القدرة الحادثة تتعلق بالمتضادات على سبيل البدل ، لا معا.
وأجمعت المعتزلة : على جواز تعلق القدرة الحادثة بالمتماثلات من كل جنس على ممر الأوقات ، وتعاقب الساعات ، مع اتفاقهم على امتناع وقوع مثلين فى محل واحد ، بقدرة واحدة ، فى وقت واحد.
__________________
(١) فى ب (أصحابنا).