سلمنا أن السهو ضد للعلم ؛ ولكن لا نسلم أنه ليس بمقدور.
وإن سلمنا أنه ليس بمقدور ؛ فلا نسلم أن القدرة المتعلقة بالشيء تكون متعلقة بجميع أضداده ؛ بل ببعض الأضداد ، وهذان القولان معزوان إلى البصرى الملقب ، بجعل (١).
سلمنا امتناع تعلق القدرة الحادثة بالشيء وضده معا ؛ ولكن ما المانع من تعلقها بأحد الضدين على البدل؟ كما هو مذهب الهمذانى (٢) وبعض أصحابكم (٣) ، ويدل على ذلك : هو أن القيام ضد القعود ، والإيمان ضد الكفر ، والقدرة على القعود : وإن قارنها القعود ؛ قدرة على القيام. والقدرة على الإيمان : قدرة على الكفر ، وإن قارنها الإيمان ، وكذلك بالعكس.
سلمنا امتناع تعلق القدرة الحادثة بالضدين معا ، وعلى البدل ؛ ولكن ما المانع من تعلقها بالمتماثلات ، كما هو مذهب المعتزلة؟
سلمنا امتناع تعلقها بالمتماثلات ؛ ولكن ما المانع من تعلقها بالمختلفات التى لا تضاد فيها؟ وما ذكرتموه من الدليل غير مطرد فيها.
والجواب :
قولهم : / ما ذكرتموه فرع وجوب مقارنة القدرة للمقدور ؛ فقد حققناه ، وأبطلنا كل ما ورد عليه.
قولهم : لا نسلم استحالة الجمع بين الضدين ، فهو (٤) منع لأمر بديهى ؛ فلا يقبل. وما ذكروه فتشكيك (٥) على البديهيات ؛ فلا يكون مسموعا. كيف وأن المحكوم باستحالته بين الضدين ، إنما هو الجمع المتصور بين المختلفات التى لا تضاد فيها.
وعند ذلك : فحاصل قولنا باستحالة الجمع بين الضدين (أن (٦) ما (٦)) يتصوره من الجمع فى المختلفات منفى عن الضدين بالضرورة ؛ فلم قلتم المحكوم عليه بالنفى غير متصور؟.
__________________
(١) انظر هامش ل ٥٣ / أ.
(٢) انظر هامش ل ٢٠٨ / ب.
(٣) فى ب (أصحابهم).
(٤) فى ب (هو).
(٥) فى ب (فهو تشكيك).
(٦) فى أ (اما أن).