«الفصل السادس»
فى تماثل القدر الحادثة ، واختلافها ، وتضادها ، وأنها
هل تفتقر فى تعلقها بالمقدور إلى آلة ، وبنية مخصوصة أو لا؟
مذهب أهل الحق من أصحابنا : أن كل قدرتين تعلقتا بمقدورين ؛ فهما مختلفان ، وكل قدرتين تعلقتا بمقدور واحد ، وسواء اتحد محل القدرتين ، أو اختلف ؛ فهما متماثلان كما سبق فى العلم (١). غير أن تعلق العلمين بالمعلوم الواحد جاز أن يكونا فى وقت واحد ، وفى وقتين (٢) بخلاف القدرتين ؛ / فإنهما لا يتعلقان بمقدور واحد فى وقت واحد ، وسواء اتحد محلهما ، أو اختلف كما يأتى (٣).
وإنما يتصور ذلك بأن تتعلق إحدى القدرتين به فى حالة النشأة ، والأخرى فى حالة الإعادة.
وأجمعت المعتزلة : على امتناع القول بتماثل القدر (٤) الحادثة اعتمادا منهم على أن ذلك يوجب تعلق المثلين بمقدور واحد ؛ وهو محال.
وإنما كان كذلك ؛ لأن تعلقهما به : إما فى وقت واحد ، أو فى وقتين.
الأول : محال ؛ لما يأتى ، والثانى : يلزم منه أن يكون المقدور الواحد موجودا حالة فرض تعلق إحدى القدرتين به ، لوجود مقتضيه ، وأن لا يكون موجودا ؛ لعدم تعلق القدرة الأخرى به فى ذلك الوقت ؛ وهو محال. وهذا غير سديد ؛ فإنه وإن امتنع تعلق القدرتين به فى وقت واحد ؛ فما المانع من تعلقهما به فى وقتين؟
قولهم : لأنه يلزم من ذلك أن يكون المقدور الواحد فى وقت واحد ؛ موجودا معدوما معا (٥).
__________________
(١) انظر ل ١٠ / ب وما بعدها.
(٢) فى ب (مختلفين). ويبدو أنها (وقتين مختلفين).
(٣) انظر ل ٢٤٣ / ب وما بعدها.
(٤) فى ب (القدرة)
(٥) زائد فى ب (قلنا : وإن سلم أنه يلزم من تعلق إحدى القدرتين به فى وقتين قولهم : لأنه يلزم من ذلك أن يكون المقدور الواحد فى وقت واحد موجودا معدوما معا).