وإن كان أحد القادرين قديما ، والآخر حادثا ؛ فالكلام فيه كما لو كانا حادثين ، وسواء كان المقدور قائما بمحل قدرة الحادث ، أو خارجا عنه.
ويزيد هاهنا وجهان :
الأول : هو أن الفعل إذا وقع مخترعا بإيجاد القديم له ؛ فالقادر الحادث يصير مضطرا غير مختار [(١) حيث وقع مقدوره (١)] مخترعا للرب ـ تعالى ـ ومقتضى كونه قادرا ، أن يكون مختارا ؛ والجمع بين الاضطرار ، والاختيار ، محال.
الثانى : أن فعل العبد ، ومقدوره لا يخرج عن كونه طاعة ، أو معصية بخلاف فعل القديم ، فلا إيجاد.
الوجه الثانى : فى الدلالة على امتناع وجود مقدوريين قادرين : أن تعلق المقدور بالقادر : كتعلق المعلول بالعلة. وكما استحال تعليل المعلول بعلتين ؛ فيستحيل كون الشيء الواحد مقدورا بقدرتين.
الوجه الثالث : هو أن الفعل ـ فعل لفاعله لنفسه ، لا لغيره ، فلو جاز أن يكون فعله لغيره ؛ لجاز أن يكون كونه ؛ كونا لغيره ، وعبده ، عبدا لغيره.
الرابع : أنه لو لو جاز أن يكون فعلا (٢) لفاعلين (٢) ، لجاز أن يكون لونا واحدا لمتلونين ، وحركة لمتحركين ؛ وهو محال.
والجواب : أما الشبهة الأولى : فالمختار منها : إنما هو القسم الثالث : وهو أن يكون أحد القادرين ، قديما مخترعا ، والآخر حادثا ، مكتسبا.
قولهم : إنه إذا أراده أحدهما ، وكرهه الآخر ؛ وجب أن لا يوجد لكراهة الآخر له.
قلنا : لا يخلو : إما أن يكون الكاره هو المخترع ، أو المكتسب.
فإن كان هو المخترع : فلا يتصور المقدور ؛ لأن قدرة المكتسب عندنا غير مؤثرة فى الإيجاد على ما سيأتى.
__________________
(١) فى أ (مقدور).
(٢) فى ب (فعل الفاعلين).