«الفصل التاسع»
فى امتناع مقدور واحد بقدرتين لقادر واحد من جهة واحدة
وهذا مما اتفق علي امتناعه أرباب المذاهب.
أما بالنسبة إلى البارى / تعالى ـ ؛ فلاستحالة التعدد فى قدرته.
وأما القادر المحدث : فمن زعم أن (١) قدرة الحادث (١) مخترعة : كالمعتزلة فقد منعوا من وجود مخترع بقدرتين ، كما منعوا من صدور واحد بقادرين ؛ وهو ظاهر.
وأما من زعم أن قدرة الحادث غير مؤثرة ؛ فقد احتج على امتناع ذلك ؛ بأنه لو جاز تعلق قدرتين فى محل واحد بمقدور (٢) واحد ؛ لأمكن (٢) فرض وجود كل واحدة من القدرتين فى محل غير محل الأخرى ، مع فرض تعلقهما بذلك المقدور ؛ وذلك يجر إلى وقوع مقدور بين قادرين ؛ وهو ممتنع كما سبق (٣).
وهذا الاحتجاج : ضعيف على أصول أصحابنا من حيث أن القدرة المختلفة المحال ؛ مختلفة عندهم.
وعند ذلك : فلا يلزم من جواز تعلق القدرتين القائمتين بمحل واحد مع تماثلهما بمقدور واحد ، جواز تعلقهما به مع اختلافهما.
وإن سلم التماثل بينهما ؛ فالمقدور : إما أن يكون خارجا عن محليهما ، أو قائما بمحليهما ؛ أو بمحل إحداهما دون الأخرى.
لا جائز أن يقال بالأول : إذ هو خلاف مذهب القائل بالكسب.
ولا جائز أن يقال بالثانى : لاستحالة قيام المقدور المتحد بمحلين مختلفين ؛ فلم يبق إلا الثالث.
وعند ذلك : فلا يلزم من جواز تعلق القدرتين فى المحل الواحد بالمقدور القائم به ، جواز تعلق القدرة الخارجة عن محل المقدور بالمقدور.
__________________
(١) فى ب (أن قدرته).
(٢) فى ب (لمقدور واحد لا يمكن).
(٣) انظر ل ٢٤١ / أوما بعدها.