«الفصل الثانى عشر»
فى متعلق العجز
الأصح فى (١) قولى الشيخ أبى الحسن الأشعرى : أن العجز لا يتعلق بالمعدوم ؛ بل بالموجود. فالمقعد الزمن عاجز عن القعود الموجود ، لا عن القيام المعدوم ، وأنه لا يسبق المعجوز عنه ، ولا يتعلق بالضدين على نحو قوله فى القدرة. ووافقه على ذلك كثير من أصحابنا.
وله قول ضعيف : أن العجز أنما يتعلق بالمعدوم دون الموجود ، فالمقعد : عاجز عن القيام المعدوم ، دون القعود الموجود ، وإن كان مضطرا إليه (٢). وقضى بناء على ذلك بجواز تعلق العجز الواحد بالضّدين دون القدرة كما تقدم ؛ لأن القدرة متعلقة بالوجود ، والعجز بالعدم ، ولا يمتنع اجتماع الضدّين اللذين هما متعلق العجز فى العدم بخلاف الوجود.
وإلى هذا ذهب كثير من أصحابنا ؛ وهو مذهب المعتزلة.
ومعتمد القول الأول : أن العجز هو الضّد الخاص بالقدرة فى جهة التعلق ، فمتعلقه : إما أن يكون هو متعلق القدرة ، أو غيره.
لا جائز أن يكون غير متعلق القدرة : وإلا لما تضادا فى التعلق.
وإن كان عينه : فقد بينا أن متعلق القدرة الوجود ، وأنه يمتنع تعلقها بالضّدين ؛ فكذلك العجز. وضار ذلك كما فى الإرادة ، والكراهة : فإنهما لما تضادا كان متعلقهما واحدا ، ولو اختلف متعلقهما بأن كانت الإرادة لشيء ، والكراهة لغيرها ؛ لما تضادا.
فإن قيل : التفرقة بين / القدرة ، والعجز ، واقعة (٣) بالضرورة. فإذا قيل : بأن متعلق القدرة (٤) ، والعجز واحد. ومن مذهبكم : أنه لا أثر للقدرة فى متعلقها ، ولا للعجز فى متعلقه ؛ فلا يبقى للتفرقة وجه.
__________________
(١) فى ب (من).
(٢) فى ب (عليه).
(٣) فى أ (واقع).
(٤) فى ب (الإرادة).