«الفصل الثالث عشر»
فى تعلق العجز بالمعجوز عنه
مذهب أصحابنا : أن العجز لا بد وأن يكون وجوده (١) مقارنا للمعجوز عنه كما فى القدرة ، والمقدور.
وأما المعتزلة : فمن أثبت (٢) العجز منهم (٢) اختلفوا.
فمنهم : من صار إلى وجوب تقدم العجز (على (٣)) المعجوز عنه فى الوجود كما قالوا فى القدرة ، والمقدور. ثم بنوا على ذلك امتناع وجود العجز فى الحالة الأولى من وجود المقدور ؛ مع فرض وجود القدرة فيها ، وجوزوا وجود العجز فى الزمن الثانى من وجود القدرة ؛ لكنه لا يمنع وجود القدرة السابقة ولا من تعلقها ؛ بل هو عجز عما سيكون فى الزمن الثالث.
ومنهم من لم يوجب تقدم العجز على المعجوز عنه : مع مصيرهم إلى وجوب تقدم القدرة على المقدور. ثم بنوا على ذلك امتناع الجمع بين وجود القدرة فى الحالة الأولى ، ووجود العجز فى الحالة الثانية ، وأنه مهما فرض وجود القدرة فى حالة ، امتنع وجود العجز فى الحالة الثانية منها. وإن وجد العجز فى الحالة الثانية : امتنع وجود القدرة فى الحالة الأولى. وبينا أنه لا قدرة فى الحال الأولى ، ولا مقدور لها فى الحالة الثانية ، وهذا هو مذهب هشام.
وأما مذهب أهل الحق : فمعتمدهم فيه : أنه لو لم يكن العجز مقارنا للمعجوز عنه ؛ لما كان ضدا للقدرة ؛ واللازم ممتنع.
وبيان الملازمة : هو أنا قد بينا أن متعلق العجز : هو متعلق القدرة. وأن القدرة يجب أن تكون فى تعلقها بالمقدور مقارنة له : فلو كان العجز متقدما على المعجوز عنه ؛ لكان متقدما على القدرة المقارنة له ، لأن المتقدم على أحد المقترنين في الوجود ؛ يكون متقدما على الآخر. ويلزم من لزوم تقدم العجز على القدرة ، أن لا يكون ضدا للقدرة ،
__________________
(١) ساقط من ب.
(٢) فى ب (منهم العجز).
(٣) فى أ (عن).