«الفصل السادس عشر»
فى اختلافات متفرعة على المنع بين المعتزلة ، والإشارة
إلى مناقضتهم فيها
الاختلاف الأول :
ذهب الجبائى : إلى أن المنع المضاد للمقدور ، منع (١) له فى الحال الثانى من وجوده ، كما فى القدرة ، والعجز. وطرد ذلك فى التخلية ، والإطلاق فى اقتضائه للتمكن ، وهو الإقدار على الفعل.
وخالفه أبو هاشم فى ذلك : وزعم أن المنع : منع للمقدور فى حال حدوثه ، وكذلك التخلية ، والإطلاق مقتضيان للتمكن فى حال حدوثه (٢).
وعلى هذا ؛ فلو خلق الله القدرة فى وقت ، وخلق معها المنع ، فعند الجبائى : يمتنع وقوع المقدور فى الحالة الثانية من وجود المنع.
وعند أبى هاشم : لا يمتنع به المقدور فى الحالة الثانية إلى أن يستمر إلى الحالة الثانية.
ولو خلق الله المنع فى الحالة الثانية من وجود القدرة : فعند أبى هاشم : يمتنع به وجود المقدور فى الحالة الثانية من وجود القدرة.
وعند الجبائى : لا يمتنع ؛ بل إنما يمتنع به المقدور فى الحالة / الثالثة من وجود القدرة. وكذلك لو خلق الله القدرة فى وقت ، ووجد معها الإطلاق والتخلية ؛ أمكن وقوع المقدور فى الوقت الثانى ، وإن لم يكن الإطلاق محققا فيه. ولو كان الإطلاق متحققا : وقت وجود المقدور دون الأول لما أمكن وجود المقدور فى ذلك الوقت : عند الجبائى.
وعند أبى هاشم : لا بد من تحقق الإطلاق والتخلية فى وقت وجود المقدور ، ولا أثر له قبل ذلك فى المقدور فى الوقت الثانى.
__________________
(١) فى ب (مضاد).
(٢) فى ب (حدوثها).