ثم وإن سلمنا : أنه ممنوع من الحركة إلى غير جهة الهوى ؛ فلا نسلم أنه يجب أن يكون ممنوعا منها فى جهة الهوى.
قوله : لو لم يكن ممنوعا من الحركة فى جهة الهوى ؛ لكان متمكنا من السكون فى الهوى. لا نسلم ذلك. فإنه لا مانع من كونه غير ممنوع من (١) الحركة (١) ، ولا متمكنا منها ؛ لعدم القدرة عليها.
وإذا لم يكن متمكنا من الحركة ؛ فلا يلزم أن يكون متمكنا من السكون ؛ لجواز اشتراكهما في عدم خلق القدرة عليهما.
سلمنا : أنه قادر على الحركة فى جهة الهوى ، ولكن لا نسلم لزوم تمكنه من السكون ؛ لما تقرر فى المسلك الأول.
وأما المسلك الثالث : فمبنى على فاسد أصولهم فى التحسين ، والتقبيح ، وقد أبطلناه (٢).
ثم وإن سلمنا صحة ذلك ؛ ولكن لا يلزم من كونه غير ممنوع أن يكون قادرا ؛ خلق القدرة عليه. وإذا لم يكن قادرا ، كان أمره قبيحا.
وإن سلمنا كونه قادرا : فما المانع من أن يكون امتناع الأمر لعدم شعوره بكونه فعلا له؟ وتصور وقوع الامتثال به.
وأما مسلك أبى هاشم : فخارج عن التحقيق ؛ فإنه لا يلزم من كون وجود الأجسام فى باقى الجهات غير منافية للسكون فى الجهة المحاطة أن لا تكون منافية لكون السكون فعلا للمحاط به.
ولا يخفى : أن ادعاء ذلك عين محل النزاع ؛ فلا يمكن أخذه فى الدليل.
الاختلاف الثالث.
ذهب الجبائى : إلى أن العلم الضرورى مانع عند حدوثه ، ودوامه من حدوث العلم المكتسب الواحد ، وإنما ينتفى العلم الضرورى الباقى بعلمين كسبيين ، وبالجملة بضدين من أضداده.
__________________
(١) فى ب (منه).
(٢) انظر ل ١٧٤ / ب وما بعدها.