«الفصل العشرون»
فى أن الفاعل لا يعود إليه من فعله حكم ، ولا يتجدد له
بسببه اسم
أما الأول : فلا نعرف خلافا بين العقلاء ، وأرباب المذاهب أنه لا يثبت للفاعل من فعله حكم.
أما على رأى من لا (١) يرى القول بالأحوال : فظاهر.
وأما من يرى القول بالأحوال : فمداركهم مختلفة.
والّذي (٢) يخص أصحابنا القائلين بالأحوال فمسلكان :
الأول : أنه لو اقتضى فعل الفاعل له حكما ؛ لكان الفعل قائما بالفاعل على (٣) ما (٣) سنبنيه : كما فى العلم ، والقدرة ، ونحوه. والفاعل على التحقيق ليس غير الله ـ تعالى ـ على ما سبق ، وفعله غير قائم به ؛ فامتنع أن يوجب له حكما.
وهذه الطريقة / غير مستمرة على أصول المعتزلة القائلين بكون البارى ـ تعالى ـ مريدا بإرادة حادثة لا فى محل.
المسلك الثانى : أنه لو أوجب الفعل لفاعله حكما ، وحالا ؛ للزم تجدد الأحوال فى ذات الله ـ تعالى ـ عند تجدد أفعاله ، وإحداثه للمحدثات ، وحلول الحوادث بذات الرب ـ تعالى ـ ؛ ممتنع كما سبق (٤).
وهذه الطريقة أيضا : غير مستمرة على أصول المعتزلة القائلين بتجدد كون البارى ـ تعالى ـ مريدا ، بتجدد الإرادة الحادثة لا فى محل.
فإن قيل : البارى ـ تعالى ـ غير متصف بكونه عالما بوقوع العالم قبل وقوعه ، وبعد وقوعه صار متصفا بكونه عالما بوقوعه ؛ فقد تجدد له حكم ، وحالة بعد وجود العالم ، لم تكن ثابتة له قبله.
__________________
(١) فى ب (يرى).
(٢) فى ب (وأما الّذي).
(٣) فى ب (كما).
(٤) انظر ل ١٤٦ / أوما بعدها.