قلنا : لا نسلم أنه عدم صرف ؛ بل عدم مضاف. وإذا كان كذلك فلا نسلم أن الاعدام المضافة لا تمايز فيها.
وما ذكروه من الوجهين فى بيان أن مقدور العبد / هو مقدور الرب بتقدير التعدد فى السكون المقدور ؛ فقد سبق إبطالهما فيما تقدم.
وإن سلمنا أن مقدور العبد هو مقدور الرب : فلا نسلم أنه يلزم من ذلك وجود مخلوق بين خالقين.
وما المانع من كونه مخلوقا للعبد ، ومقدورا للرب من غير تأثير فى إيجاده؟ كما قلتم بأن العقل مخلوق للرب ـ تعالى ـ ومقدور للعبد (١) من غير تأثير فى إيجاده.
قولهم : لو علم الله
ـ تعالى ـ أن المصلحة فى إيجاده هو لذلك الشيء ؛ فيحاول إيجاده.
قلنا : متى يعلم أن
المصلحة فى خلقه (٢) لذلك (٢) الشيء : إذا أمكن أن يكون مخلوقا له ، أو إذا لم يكن.
الأول ؛ مسلم. والثانى ؛ ممنوع.
فلم قلتم : إنه يلزم من كونه مقدورا له : إمكان كونه مخلوقا له ، ولو لزم ذلك فى حق الرب ـ تعالى ـ ؛ للزم مثله فى حق العبد ؛ ولم يقولوا به.
وإن سلمنا إمكان كونه مخلوقا له : ولكن متى إذا علم الله ـ تعالى ـ أن العبد يحاول إيجاده وخلقه ، أو إذا لم يعلم؟
الأول : ممنوع. والثانى : مسلم.
فلم قلتم بالمحاولة لإيجاده مطلقا؟
سلمنا إمكان المحاولة للعبد ، والرب معا : ولكن لم قلتم بامتناع عدم الوقوع ، أو بوقوعه بقدرة أحدهما دون الآخر؟ وما قيل فيهما ؛ فقد سبق إبطاله فى المسلك الّذي قبله.
__________________
(١) فى ب (للرب).
(٢) فى أ (حقه لذلك). أما فى ب (خلقه ذلك).