الثانى : أنه لازم عليكم فى كون الفعل حاصلا بخلق الله ؛ إذ التقسيم وارد عليه حسب وروده على كون العبد خالقا لفعله ؛ فما هو الجواب فى صور الإلزام ؛ فهو بعينه الجواب فى محل النزاع.
فإن قيل : الفرق بين البارى ـ تعالى ـ والعبد ، أنّ صدور الفعل عن القادر موقوف على الإرادة. والإرادة فى الشاهد محدثة ؛ فافتقرت إلى (محدث (١)). فإن كان ذلك المحدث هو العبد : لزم التسلسل ؛ فوجب انتهاء جميع الإرادات إلى إرادة ضرورية يخلقها الله ـ تعالى ـ فى القلب ابتداء ، ويلزم منه الجبر. بخلاف إرادة الله ـ تعالى ـ إذ هى قديمة مستغنية عن إرادة أخرى ؛ فلا تسلسل.
قلنا : وإن كانت إرادة البارى ـ تعالى ـ قديمة : فإما أن يصح معها الفعل بدلا عن الترك ، أو الترك بدلا عن الفعل ، أو لا :
فإن كان الأول : فلا بد لأحد الطرفين من مرجح ، والكلام فى ذلك المرجح كالكلام فى الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع.
وإن كان الثانى ؛ فقد لزم الجبر ، ولا خلاص عنه.
المسلك السابع :
أن ضلال الكافر ، وجهله عند الخصوم ؛ مخلوق للكافر ، وموجود بإيجاده اختيارا ، ولو كان كذلك ؛ لكان قاصدا له ؛ إذ القصد من لوازم الفعل اختيارا ؛ واللازم / ممتنع فإن عاقلا لا يقصد لنفسه الضلال ، والجهل ؛ (فلا (٢) يكون (٢)) فاعلا له اختيارا.
وهو فاسد أيضا ؛ إذ لقائل أن يقول :
ما يفعله الكافر من الضلال ، والجهل لا بد وأن يكون قاصدا له.
وقولكم : العاقل لا يقصد لنفسه الضلال ، والجهل.
قلنا : متى إذا علم كونه ضلالا ، وجهلا ، أو إذا ظن كونه هديا ، وعلما؟
__________________
(١) فى أ (محدثه).
(٢) ساقط من أ.