الأول : مسلم. والثانى : ممنوع.
وعلى هذا : فلا يبعد أن يكون قاصدا لإيجاده مع هذا الظن.
فإن قيل : فإذا كان قصده
لإيجاد الكفر متوقفا على الظّن بكونه هديا وحقا ؛ فهذا الظن أيضا جهل.
فإن كان القول فيه : كالقول فى الأول ؛ لزم أن يكون كل جهل مسبوقا بجهل آخر إلى غير النهاية ؛ وهو محال.
وإن وقع الانتهاء إلى جهل : غير مسبوق بجهل آخر ؛ فذلك الجهل لا يكون مقصودا له ؛ فلا يكون من فعله ؛ بل من الله ـ تعالى ـ وباقى الجهالات مترتبة عليه ؛ فكان الكل مستندا إلى خلق الله ـ تعالى ـ وتكوينه.
قلنا : بل لا بد من
الانتهاء إلى جهل لا يكون مقصودا ، ولا هو من فعله ، ولا يمتنع أن تكون بعض الجهالات مقدورة (١) للعبد ، والبعض غير مقدورة (٢) له ؛ بل كما فى العلوم. وذلك الجهل الأول : الّذي ليس بمقدور للعبد ، وإن كان شرطا فى قصد باقى الجهالات ؛ فلا يلزم أن تكون باقى الجهالات مخلوقة لله ـ تعالى ـ ؛ بل جاز أن تكون مخلوقة للعبد. وإن توقفت على شرط مخلوق لله ـ تعالى ـ كما فى الحياة ؛ فإنها شرط كون الفعل مقدورا للعبد على اختلاف المذهبين. وإن كانت الحياة غير مقدورة للعبد بالاتفاق.
والمعتمد فى المسألة مسلكان :
الأول : لو كان العبد خالقا لأفعال نفسه ؛ للزم وجود خالق غير الله ، ووجود خالق غير الله ، محال ؛ لما سبق. ويلزم من انتفاء اللازم انتفاء الملزوم.
المسلك الثانى :
لو كان العبد موجدا لفعل نفسه ، ومحدثا له ؛ لكان عالما به ، واللازم ممتنع ، فالملزوم ممتنع.
__________________
(١) فى ب (مقدورا).
(٢) فى ب (مقدور).