«نيّة المؤمن خير من عمله» (١). وقوله : «اعملوا وقاربوا وسدّدوا فكلّ ميسّر لما خلق له» (٢).
وأما الإجماع :
فهو أن الأمة مجمعة على إطلاق القول : بإضافة العمل إلى العبد ، وأنه فاعل. وأنه فعل كذا ، وما فعل كذا. وكذا فعله.
والفعل : عبارة عن الحادث ممن كان قادرا عليه.
والفاعل : هو القادر على إيجاد الفعل.
وإن سلمنا أن القدرة الحادثة غير مؤثرة فى نفس الفعل : ولكن ما المانع من كونها مؤثرة فى إثبات صفة (٣) للفعل؟ / كما هو مذهب القاضى أبى بكر والأستاذ أبى إسحاق ؛ وهو أولى ؛ لما فيه من الجمع بين الأدلة الدالة على كون الرب خالقا لفعل العبد ، والأدلة الدالة على كون العبد فاعلا ، ومؤثرا.
ولا يخفى : أن الجمع بين الأدلة أولى من العمل بالبعض ، وتعطيل البعض.
والجواب :
قولهم : الموجد بالاختيار لا بد وأن يكون قاصدا لما يوجده ، وعالما به على وجه كلى ، أو جزئى.
قلنا : القصد يجب أن يكون إلى الشيء الّذي يتعلق به الحدوث والوجود ، وليس ذلك غير الجزئى ، لا الكلى.
__________________
(١) أخرجه الطبرانى عن سهل بن سعد الساعدى مرفوعا. انظر كشف الخفاء ومزيل الإلباس للعجلونى ص ٣٢٤.
وفى قول آخر أنه فى الأمثال للعسكرى ، والبيهقى فى الشعب من جهة ثابت عن أنس به مرفوعا. وانظر حلية الأولياء لأبى نعيم الأصبهانى ٣ / ٢٥٥ ، وفيه الحديث ورد مرفوعا عن سهل بن سعد.
(٢) جمع الآمدي بين حديثين فى قول واحد :
الأول : قوله صلىاللهعليهوسلم : سددوا وقاربوا ويسروا فإنه لن يدخل الجنة أحد عمله. وهو جزء من حديث عن عائشة رضى الله عنها فى مسند أحمد ٦ / ١٢٥.
الثانى : قوله صلىاللهعليهوسلم : اعملوا فكل ميسر لما خلق له. وهو جزء من حديث عن عمران بن حصين فى البخارى ٩ / ١٩٥ (كتاب التوحيد ، باب فى قول الله تعالى «ولقد يسرنا القرآن للذكر» والحديث ورد باختلاف طفيف فى الألفاظ فى كتاب الصحاح والمسانيد.
(٣) فى ب (صيغة).