قولهم : العقلاء يستحسنون شكر المحسن ، وذم المسىء ، ولا يستحسنون الشكر والذم على سواده ، وبياضه ؛ مسلم.
قولهم : ولو لم يكن ذلك من فعله ، وتأثيره ؛ لما حسن ذلك ؛ كما فى السواد ، والبياض.
قلنا : هذا إنما يلزم أن لو بينتم أن امتناع الشكر ، والذم على سواده وبياضه ؛ لعدم تأثيره فيه ؛ ولا سبيل إليه بأمر يقينى.
كيف وأن حاصل ما ذكروه : يرجع إلى الاحتجاج على قضية عقلية ؛ بأمر عرفى ؛ وهو فاسد.
قولهم : العقلاء يستحسنون الأمر والنهى ، للقادر ؛ مسلم.
قولهم : ولو لم يكن موجدا لما أمر به ؛ لما حسن ذلك.
قلنا : القول بامتناع الأمر ، والنهى بما ليس من فعل المأمور : إما أن يكون معلوما ، أو غير معلوم.
فإن لم يكن معلوما : امتنع الجزم به.
وإن كان معلوما : فإما بالضرورة ، أو بالدليل. لا سبيل إلى الأول : إذ ليس دعوى الضرورة فى محل الخلاف : / أولى من دعوى الضرورة فى الضد.
كيف : وإنه لم يقل بذلك قائل ممن يؤبه به من المعتزلة غير الملقب بجعل.
وإن كان بدليل : فلا بد من إظهاره ضرورة إصرار الخصم على المنع.
وعند ذلك : فإن احتجوا بالعرف (١) ؛ فقد سبق ما فيه.
وإن عادوا إلى شبهة أخرى غير هذه الشبهة من الشبه المذكورة ، عاد الكلام فيها.
كيف : وأن ما ذكره المعتزلة من استبعاد الأمر والنهى ، بما ليس مفعولا للمأمور ، والمنهى ينعكس عليهم من وجهين :
__________________
(١) فى ب (فى العرف).