وما المانع من أن / تكون القدر لذاتها تقتضى التعلق بالحدوث لتعينه دون الحسن ، أو أن تعين الحسن ؛ يكون مانعا من تعلقها به؟
الثانى : أنه قال : الفعل وإن كان حادثا بالقدرة الحادثة عندكم. إلا أنه لا يتم وقوعه دون القدرة ، وحدوث القدرة : غير مقدور للعبد.
وإذا جاز توجه الأمر بفعل متعلق بما ليس مقدورا للعبد ؛ فلا يمتنع توجهه بما ليس مفعولا للعبد.
وهو أيضا ضعيف : فإنه لا يلزم من جواز توجه الأمر بما هو مقدور ، متوقف على ما ليس بمقدور ؛ لكونه (١) ممكن الوقوع عادة ؛ جواز توجهه إلى ما ليس مقدورا أصلا.
قولهم : يلزم من كون العبد غير خالق لأفعاله : سد باب إثبات الصانع على ما ذكروه : إنما يلزم أن لو انحصر طريق الإثبات فيما ذكروه ؛ وهو غير مسلم. ولا سبيل لهم إلى نفى طريق آخر : بغير البحث ، والسبر ؛ وهو غير يقينى ؛ لما سلف (٢).
كيف : وأن حاصل ما ذكروه من الطريق : يرجع إلى قياس الغائب على الشاهد ؛ وهو فاسد لما سبق (٣).
ثم وإن سلمنا صحته : لكن بشرط الاشتراك فى العلة الدالة على كون العبد مؤثرا وهى غير مشترك فيها. وذلك أن من أصلهم فى الدلالة على كون العبد فاعلا ، ومؤثرا فى مقدوره : وقوع مقدوره على حسب قصده ، وداعيته. ولا سبيل إلى إثبات القصد فى حق الله ـ تعالى ـ إلا بصدور الفعل عنه ، فلو وقفنا العلم بصدور الفعل عنه على كونه واقعا ، على حسب قصده ؛ لكان دورا ممتنعا.
قولهم : لو لم يكن مقدور العبد من فعله ؛ لكان تكليفه به تكليفا بما لا يطاق.
فقد أجاب عنه بعض الأصحاب : مع تقريره لطريقة الشيخ أبى الحسن الأشعرى رضى الله عنه ؛ فى امتناع تأثير القدرة فى مقدورها بأن التكليف : إنما هو بكسب العباد لا بفعل الله ـ تعالى ـ ولا وجه له ؛ فإنه لا معنى للكسب : غير الفعل القائم بمحل القدرة والمحل والقدرة فى المقدور.
__________________
(١) فى ب (لكنه).
(٢) انظر ل ٣٩ / ب.
(٣) انظر ل ٤٠ / أ.