وقيام المقدور بمحل القدرة : ليس من فعل العبد. والتكليف لا يخرج عن أن يكون بأحد هذه الأمور ، أو بجملتها ، والجملة ، والأفراد ليست من فعله ؛ فيكون تكليفا بما لا يطاق.
فالطريق المرضى على تقرير قاعدة الشيخ (١) : إنما هو التكليف بفعل الغير ، وتجويز تكليف ما لا يطاق على ما تقدم تقريره فى التعديل ، والتجوير (٢).
قولهم : إن مقدورات العبد منقسمة إلى حسنة ، وقبيحة فلو كانت من فعل الله ـ تعالى ـ ؛ لكان الله / ـ تعالى ـ فاعلا للقبيح.
قلنا : هذا إنما يلزم على فاسد أصولهم فى التحسين ، والتقبيح الذاتى (٣) ؛ وقد بينا إبطاله فيما تقدم (٣) ، وعلى ما قررناه فمعنى كون الفعل القائم بمحل قدرة العبد قبيحا أنه مأمور بذمه ، أو أنه منهى عنه. والفعل بالإضافة إلى فعل الله ـ تعالى ـ ليس كذلك ؛ فلا يكون قبيحا.
وعلى هذا فقد اندفع ما ذكروه من المحالات الثلاثة.
على أنا نجيب عما (٤) ذكروه من الإلزامات من وجهين :
الأول : إن كل ما ألزموه (٥) جائز عندنا عقلا. ما عدا الكذب على الله ـ تعالى ـ فإنا بينا استحالته على الله ـ تعالى ـ بالدليل العقلى لا من جهة كونه قبيحا لذاته ، ومع جواز تلك الأمور : فنقطع بعدم وقوعها كما نقطع بعدم انقلاب البحر دما ، وغور الجبال الراسية ، نظرا إلى العادة ، وإن كان ذلك يجوز عقلا.
الثانى : هو أن ما ذكروه لازم عليهم فى خلق الدواعى ، والصوارف إلى هذه الأفعال ؛ فإنه كما يقبح من الله ـ تعالى ـ بعثة الرسل بها ، والحث عليها وشرعها ؛ لكونها قبيحة ، وأن ما يفضى إلى القبيح قبيح.
__________________
(١) فى ب (الشيخ أبى الحسن الأشعرى).
(٢) انظر ل ١٩٤ / ب وما بعدها.
(٣) فى ب (الذاتيين وقد سبق إبطاله). انظر ل ١٧٤ / ب وما بعدها.
(٤) فى ب (على ما).
(٥) فى ب (ما ألزموا به).