فلا يخفى : أن خلق القدرة عليها ، والداعى إليها مما يفضى إليها ؛ فيكون قبيحا.
فما هو جواب لهم فى خلق الداعية ، والقصد إليها : هو جوابنا فى شرعها ، وإرسال الرسل بها.
وعلى هذا : فقد خرج الجواب عن الشبهة السادسة عشرة إلى بعد هذه الشبهة.
قولهم : لو لم يكن العبد موجدا لفعله ؛ لامتنع الثواب والعقاب عليه ، بجهة المجازاة. لا نسلم ذلك ؛ بل الثواب والعقاب عندنا يستدعى كون الفعل مقدورا لا مخلوقا.
كيف : وأن ما ذكروه لازم عليهم : حيث اعتقدوا أن ذات الفعل غير مقدورة ، وأن الوجود حال زائدة غير مقدورة كما بينا. والثواب لا يخرج عن أن يكون على الفعل ، أو الحدوث ، أو مجموع الأمرين ؛ والكل غير مقدور ؛ فالإلزام يكون مشتركا.
قولهم : لو لم يكن مقدور العبد من فعله ؛ لجاز عقاب الأنبياء ، وثواب الكفرة.
قلنا : مسلم ؛ ولكن جوازا تحيله العادة ، أو لا تحيله العادة. الأول : مسلم. والثانى : ممنوع.
وعلى هذا : فلا تشكك فى انتفاء ما ذكروه ، وإن كان جائزا عقلا.
قولهم : لو كان مقدور العبد من فعل الله ـ تعالى ـ مع ورود الأمر به ؛ لكان الله ـ تعالى ـ آمرا بفعل نفسه ، وهو محال.
لا نسلم الإحالة فى ذلك ، ولا يلزم (من) (١) قبح ذلك فى الشاهد ، قبحه فى الغائب ؛ لما / بيناه من امتناع قياس الغائب على الشاهد (٢).
أما (٣) ما ذكروه من شبه القضاء ؛ فجوابها يستدعى تحقيق معنى القضاء ، وبيان اعتباراته.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) انظر ل ٤٠ / أوما بعدها.
(٣) فى ب (وأما).