فإن كان الأول : فيلزم عليه جواز اتصافه بالحركة ، والحركة حادثة لحدوث أجزائها ؛ فيكون محلا للحوادث ؛ وهو محال ؛ لما سبق (١).
وإن كان الثانى : فيكون كالزّمن العاجز ؛ وذلك صفة نقص فى حق الله تعالى.
ولقائل أن يقول :
لا نسلم أن امتناع الخروج عليه من حيزه صفة نقص. والعجز عن الانتقال عنه إنما يتحقق فيما من شأنه أن يكون قابلا للانتقال. فما (٢) لم يتبين أن الرب ـ تعالى ـ قابل للانتقال عن حيزه ؛ فامتناع الانتقال عليه منه ؛ لا يكون عجزا ، فلا يكون ذلك من صفات النقص. وإلا كان الرب ـ تعالى ـ موصوفا بالعجز عن الحركة ؛ لامتناعها عليه ، وإن لم يكن متحيزا ؛ وهو (٣) محال.
وللخصوم شبه عقلية ونقلية :
أما الشبه العقلية : فأربع.
الأولى : أن كل شيئين قاما بأنفسهما بحيث لا يكون أحدهما محلا للآخر : فإما أن يكونا متصلين ، أو منفصلين. وعلى كلا التقديرين. فلا بد وأن يكون كل واحد منهما بجهة من الآخر ؛ وهو معلوم بالضرورة ، والبارى ـ تعالى ـ والعالم كل واحد قائم بنفسه ؛ فيجب أن يكون كل واحد منهما بجهة من الآخر : كانا متصلين ، أو منفصلين.
وربما عبر عن هذا المعنى بعبارة أخرى ؛ فقيل : البارى ـ تعالى ـ إما أن يكون قد خلق العالم فى ذاته ، أو خارجا عن ذاته.
لا جائز أن يقال بالأول : وإلا كان محلا للحوادث ؛ وهو محال كما سبق.
وإن كان الثانى : فإما أن يكون متصلا به ، أو منفصلا عنه ، وعلى كلا التقديرين.
يجب أن يكون بجهة منه.
__________________
(١) انظر ل ١٤٦ / أوما بعدها.
(٢) فى ب (فلما).
(٣) فى ب (فهو).