وما ذكروه : من إطلاق الأمة معارض بإطلاقات أخرى دالة على نقيضه ، وبيانه من خمسة أوجه :
الأول : هو أن الأمة مجمعة على أن الله ـ تعالى ـ أولى بالثناء عليه (١) من العبد. فلو كان العبد هو الخالق لمعرفته بالله ـ تعالى ـ وطاعته له ، وإيمانه به ؛ لكان أولى بالثناء عليه من الله ـ تعالى ـ ؛ وهو خرق لإجماع المتكلمين.
وبيان الملازمة : هو أن إيجاد المعرفة بالله ، والإيمان به ، أحسن من إيجاد الأجسام الخسيسة (٢) ، والحشرات ، والقاذورات ؛ وذلك لأن استحقاق الثناء ، والمدح على أصولهم متعلق بحسن الفعل ، فكلما كان الفعل أحسن ؛ كان أولى ، وأحق بالثناء على فاعله.
فإن قيل : لا نسلم أن المعرفة والإيمان أحسن من خلق الأجسام ؛ بل الأمر بالعكس.
وبيانه : أن الأجسام ، وأعراضها من الآيات المفضية بالناظر فيها إلى السعادة الأخروية ، ومعرفتها غير مختصة بطائفة دون طائفة ، وما نفعه أعم ؛ فهو أحسن.
سلمنا أن إيجاد المعرفة والإيمان أحسن ؛ غير أن المنة لله ـ تعالى ـ فى ذلك : حيث أنه مكن (٣) منه بخلق القدرة عليه ، والداعى الصارف إليه ؛ فكان أولى باستحقاق الثناء من العبد.
قلنا : أما الأول : فهو خلاف إجماع / المسلمين.
وما ذكروه فى (٤) التقرير : فبالضد أولى ؛ وذلك لأن حسن الأجسام وأعراضها : إنما كان لكونها دلائل المعرفة كما ذكروه ، وما كان حسنه (٥) من أجل (٥) غيره ؛ فذلك الغير يكون أحسن.
وأما الثانى : فيلزمهم منه : أنه إذا كان أولى باستحقاق الثناء لتمكينه من فعل الإيمان : أن يكون أولى بالذم ؛ لتمكينه من فعل الكفر.
__________________
(١) فى ب (على الفعل).
(٢) فى ب (الجنسية).
(٣) فى ب (مكنه).
(٤) فى ب (من).
(٥) فى ب (لأجل).