الخامس : هو أن الأمة مجمعة : على امتناع وقوع خلاف مراد الله ـ تعالى ـ وأنه لا يقع فى ملكه ما لا يريد ؛ / فإن (١) ما أراده ؛ فهو واقع.
ومن أصل المعتزلة : أن الله ـ تعالى ـ يريد صلاح العبيد (٢) ، ويكره منهم (٢) الكفر ، والفسوق. فلو كان العبد : مستبدا بكفره خالقا له ؛ لكان ذلك موجبا لانتفاء مراد الله ـ تعالى ـ ووقوع مكروهه ؛ وهو خلاف الإجماع.
وربما تمسك الأصحاب هاهنا : بأمور واهية يظهر فسادها بأوائل النظر لمن له أدنى تنبه ، آثرنا الإعراض عن ذكرها شحا على الزمان من (٣) تضييعه بذكر (٣) ما لا فائدة فيه.
قولهم : ما المانع أن تكون القدرة الحادثة مؤثرة فى صفة زائدة على نفس الفعل؟ ، كما هو مذهب القاضى.
قلنا : القول بهذه الصفة التى هى أثر القدرة الحادثة عند القائل بها ، مع كونها مجهولة ؛ فهى من الأحوال. والقول بالأحوال باطل على ما سيأتى (٤).
وبتقدير صحة القول بالأحوال : إما أن يكون العبد مستقلا بإثباتها ، أو أنه لا يستقل بإثباتها إلا مع القدرة القديمة على ما عرف من اختلاف مذهبه فى ذلك.
فإن كان الأول : فقد وقع فيما فر عنه من تأثير القدرة الحادثة فى نفس الفعل ، ومن وجود خالق غير الله ـ تعالى ـ.
وإن كان الثانى : فيلزم منه مخلوق واحد بين خالقين ؛ وهو محال كما (٥) سبق (٥).
فقد ينحل من هذه الجمل : أن مذهب الشيخ أبى الحسن الأشعرى هو الطريق العدل ، والمسلك المتوسط بين طرفى الجبر المحض ، وإثبات خالق غير الله ـ تعالى ـ بتوفيقه : بين دليل إثبات القدرة الحادثة ، ودليل انتفاء خالق غير الله ـ تعالى ـ.
__________________
(١) فى ب (وإن).
(٢) فى ب (العبد ويكره منه).
(٣) فى ب (بتضييعه فى ذكر).
(٤) انظر ما سيأتى فى الجزء الثانى ـ الباب الثالث ـ الأصل الأول : فى الأحوال ل ١١٤ / أوما بعدها.
(٥) ساقط من ب ـ انظر ل ٢١٧ / ب وما بعدها.