«الفصل الثانى»
فى الدلالة على إبطال القول بالتولد
وإبطال شبه مثبتيه
وقد اعتمد الأصحاب فى ذلك على مسالك (١) :
الأول : أنه إذا قيل بتولد الفعل عن الفعل ؛ فإذا وجد المسبب : وهو المتولد عقيب وجود السبب ؛ وهو المتولد منه ؛ فحدوث المسبب المتولد إما أن يكون : عن القدرة المباشرة للسبب ، أو عن نفس السبب ، أو عنهما ، أو لا عن واحد منهما.
فإن كان الأول : فهو باطل / من أربعة أوجه :
الأول : أن السبب على أصلكم موجب للمسبب عند ارتفاع الموانع ، فلو كانت القدرة هى المقتضية حدوث المتولد ؛ لما كان السبب موجبا للمسبب.
الثانى : أنه لو جاز أن يكون المتولد من فعل العبد ؛ حادثا بقدرة العبد. فمن أصلهم أن الرب ـ تعالى ـ قادر على إيجاد مثل ما تولد من فعل العبد من غير واسطة ، ويلزم من ذلك جواز إيجاد المسبب للعبد بقدرته من غير واسطة ؛ ضرورة مضاهاة القدرة الحادثة فى تأثيرها لتأثير قادرية الله ـ تعالى ـ وكذلك أحالوا وجود مقدورين العبد ، والرب تعالى.
الثالث : هو أن السبب على أصولهم : موجب للمسبب عند ارتفاع الموانع : كإيجاب العلة معلولها من غير تفاوت فى نفس الإيجاب. والمعلول غير مقدور. وإن كانت العلة مقدورة ؛ فكذلك المسبب بالنسبة إلى السبب.
الرابع : هو أن المتولد لو وقع بالقدرة ؛ لوقع دون السبب.
__________________
(١) لتوضيح رأى الأصحاب فى هذا الفصل : انظر أصول الدين للبغدادى ص ١٣٧ ـ ١٣٩ والإرشاد لإمام الحرمين ص ٢٣٠ ـ ٢٣٤ والمحصل للرازى ص ١٤٥.
ومن المتأخرين المتأثرين بالآمدي.
انظر شرح المواقف ٢ / ٣٨٤ ـ ٣٨٨ ، وشرح المقاصد ٢ / ١٠٦.