ولا نسلم : أن اشتراط الحياة للعلم غائبا مبنى على اشتراطه شاهدا ؛ بل بناء على مدرك آخر.
وأما الوجه الثانى من الوجه الرابع : فحاصله أيضا راجع إلى دعوى مجردة من غير دليل.
وإن سلم امتناع حدوثه بالقدرة ؛ فما المانع من حدوثه بالسبب؟
قولكم فى الوجه الأول : أنه إذا جاز وجود السبب فى زمان دون المسبب ، أمكن ذلك فى كل زمان. دعوى لا دليل عليها.
قولكم : لأنه لا تأثير للأزمنة فى اقتضاء الأسباب / لمسبباتها (١).
قلنا : ما المانع أن يكون اقتضاء السبب للمسبب مشروطا بوقوع المسبب فى الزمن الثانى من وجود السبب؟ وحيث لم يكن المسبب موجودا فى زمان وجود السبب ؛ كان لفوات شرطه. ولا يلزم مثله فى باقى الأزمنة ؛ ضرورة تحقق الشرط.
قولكم : لو كان السبب موجبا للمسبب ، لما تأخر عنه : ممنوع ؛ لجواز أن يكون إيجاب السبب له مشروطا بما ذكرناه قبل ، ولا يلزم من اشتراط ذلك فى السبب ؛ اشتراطه فى العلة. إلا أن يبين الاشتراك فى المعنى الموجب للاشتراط ؛ ولا سبيل إليه بأمر يقينى.
المسلك الثانى :
أنه لو كانت أفعال العبيد المباشرة بقدرهم ؛ متولدة عند انتفاء الموانع : فلا يخلو : إما أن يقال بأن أفعال الله ـ تعالى ـ المباشرة بقدرته ، أو قادريته مولدة للمسببات ، أو غير مولدة.
فإن كان الأول : فيلزم منه الاسترابة (٢) فى كون الجواهر متولدة من فعل من أفعال الله ـ تعالى ـ المباشرة بقادريته ، ولا يبقى الوثوق بكونها مباشرة بالقادرية من غير واسطة ، ولم يقل به قائل.
__________________
(١) نهاية السقط من النسختين ب ، ج.
(٢) فى ب (الاشتراك).