فإن قيل : ما ذكرتموه : وإن دل على إبطال التولد ؛ فهو (١) معارض بما يدل على (٢) التولد (٢) ، وبيانه من ثمانية أوجه.
الأول : هو أن / من رام دفع حجر فى جهة من الجهات ، كان اندفاعه على حسب قصد الدافع ، وداعيته : إن رام اندفاعه ؛ اندفع ، وإلا ؛ فلا.
فدلّ على أن الاندفاع من فعل العبد على ما قررناه فى الأفعال المباشرة بالقدرة الحادثة ، وليس اندفاع الحجر مباشرا بالقدرة بالإجماع منا ، ومنكم ؛ فلم يبق إلا أن يكون من فعله بواسطة ما باشره من الدفع.
وعلى هذا : يكون الكلام فى حصول العلم النظرى ، من النظر ، والاستدلال ، ونحوه.
الثانى : هو أنا حيث رأينا اختلاف القدرة الحادثة ، يؤثر فى اختلاف الأفعال ، التى يحكم عليها بكونها متولدة ، حتى إن الأيّد القوى ؛ يقوى على حمل ما لا يحمله الضعيف المدنف ؛ علمنا كونها مستندة إليها ، ولو كانت مستندة إلى قدرة الله ـ تعالى ـ لا إلى قدرة العبد ؛ لما كان لاختلاف القدر تأثير ؛ بل كان يجوز تحريك الجبل باعتماد الضعيف المدنف عليه ، وأن لا تتحرك الخردلة باعتماد الأيّد القوى عليها ؛ لخلق الله ـ تعالى ـ الحركة فى إحدى الصورتين دون الأخرى.
ولا يخفى : ما فى ذلك من الجهالة ، ومخالفة المعقول.
وإذا (٣) كانت مستندة إلى القدرة الحادثة ؛ فالقدرة (٤) غير مباشرة لها بالإجماع ؛ فلزم (٥) وجود الواسطة.
الثالث : أن العقل والشرع ، مجوزان للأمر بحمل المثقلات ، ودفعها ، وتحصيل العلوم النظرية. وإيلام من ينبغى إيلامه إلى غير ذلك. كما يجوزه فى الأفعال المباشرة
__________________
(١) فى ب (لكنه).
(٢) فى ب (عليه).
(٣) فى ب (وإن).
(٤) فى ب (والقدرة).
(٥) فى ب (فيلزم).