«الفصل الثالث»
فى مأخذ تفريعات المعتزلة على التولّد ،
ومناقضتهم فيها
التفريع الأول :
اتفقت المعتزلة : على أن المتولد من السبب المقدور بالقدرة الحادثة ؛ لا يتصور أن يكون مباشرا بالقدرة الحادثة : من غير توسط السبب (١) ؛ وقد (١) احتجوا على ذلك بمسالك.
المسلك الأول :
قال أبو هاشم : لو جاز وقوع المتولد مباشرا بالقدرة : لأمكن وجوده بوجود سببه ، وأمكن وجود مثله مباشرا بالقدرة من غير سبب ؛ وذلك يفضى إلى جواز قيام مثلين بمحل واحد مع اتحاد القدرة ؛ ويلزم منه جواز حمل الذرة للجبل العظيم ، بأن يفعل فيه (٢) أعدادا من الحمل موازنة لأعداد أجزائه ؛ فيرتفع ؛ وذلك محال.
المسلك الثانى :
أنهم قالوا : لو أمكن وجود المتولد : بالسبب تارة ، وبالقدرة من غير سبب تارة ؛ لأمكن فرض أحد الأمرين دون الآخر ؛ ويلزم من ذلك أن يكون الشيء الواحد موجودا : نظرا إلى وجود أحد مقتضيه (٣) ، ومعدوما : بالنظر (٣) إلى عدم المقتضى الآخر ؛ وهو محال.
المسلك الثالث :
أنه لو / جاز وقوع المسبب مباشرا بالقدرة ؛ لأمكن وقوعه بالقدرة بعد فرض وجود السبب من غير احتياج السبب ؛ ويلزم من ذلك خروج السبب عن كونه مؤثرا فى المسبب من غير مانع ؛ وهو محال.
__________________
(١) فى ب (المسبب فقد).
(٢) فى ب (منه).
(٣) فى ب (ما يقتضيه معدوما نظرا).