ووافقه على ذلك جماعة من المعتزلة.
وقال فى قول آخر : إنه لا يمتنع أن يقع المتولد من أفعاله غير متولد. أما مأخذ أبى هاشم فى جواز وقوع التولد فى أفعال الله ـ تعالى ـ : فما هو المأخذ فى التولد فى أفعال العبيد ؛ وذلك أنا كما نشاهد حدوث حركة الجسم من اعتماد الواحد منا عليه ؛ فنشاهد حركة غصون الأشجار ، وأوراقها حادثة من اعتماد الرياح العاصفة عليها ؛ مع أن حركة الرياح العاصفة ، واعتمادها مخلوقة لله ـ تعالى ـ.
ومأخذه فى امتناع كون المتولد من أفعاله : لا يكون مباشرا بالقدرة ، أو مباشرا ؛ فما سبق فى التفريع الأول ؛ وقد سبق بطلان ذلك كله.
وأما النافون للتولد فى أفعال الله ـ تعالى ـ مطلقا ؛ فقد احتجوا بحجتين :
الأولى : أنه لو وقع فى فعله شيء متولد ؛ لافتقر الرب ـ تعالى ـ فى فعله إلى السبب المولد كما فى أفعال العباد ؛ وذلك محال على الله ـ تعالى.
الثانية : أنه لو جاز وقوع التولد فى أفعال الله ـ تعالى ـ لأمكن أن يقال : بأن نمو الناميات ، واغتذاء الحيوانات ، والصحة ، والمرض ، وكل ما اتفق على كونه مباشرا بقدرة الله ـ تعالى ـ أنه متولد (١) من (١) الأسباب ؛ وذلك محال.
والحجتان باطلتان :
أما الحجة الأولى : فمن وجهين :
الأول : أنه إنما يلزم افتقار الرب ـ تعالى ـ فى فعله إلى السبب : أن لو قيل : بأن المسبب لا يوجد بدون السبب ؛ وهو غير مسلم على ما ذكرناه من أحد قولى أبى هاشم.
الثانى : أنه وإن سلم امتناع وجود المتولد من أفعاله دون السبب : فهو (٢) لا يزيد على امتناع إيجاده للألوان (٣) ، والأعراض / دون محل يقوم به.
وعند ذلك : فما هو العذر فى خلق الأعراض ؛ هو العذر فى المتولدات.
__________________
(١) فى ب (مولد عن).
(٢) فى ب (لكنه).
(٣) فى ب (الألوان).