والجواب عن الشبهة الأولى : أن يقال :
إن أريد بالاتصال ، والانفصال ؛ قيام أحدهما بالآخر ، وامتناع القيام به. فالبارى ـ تعالى ـ بهذا الاعتبار منفصل عن العالم ؛ ولكن ذلك مما لا يوجب كون كل واحد منهما فى جهة من الآخر إلا أن يكون الرب ـ تعالى ـ قابلا للكون فى الجهة ؛ وهو عين محل النزاع.
وإن أريد بالاتصال : ما يلازمه الاتحاد فى الجهة ، والحيز. وبالانفصال : ما يلازمه الاختلاف فى الجهة ، والحيز ؛ فذلك إنما يتم ويلزم ، أن لو كان البارى ـ تعالى ـ قابلا للحيز ، والجهة ؛ وإلا فلا مانع من خلوه (١) عنهما معا. فإن راموا إثبات الجهة بالانفصال والاتصال بهذا الاعتبار ـ والخصم (لا) (٢) يسلمه إلا فيما هو قابل للجهة (٣) ، والحيز (٣) ـ كان دورا ؛ ودعوى البديهة فى ذلك ممتنع ؛ فإن البديهى لا يخالف فيه أكثر العقلاء ، وأكثر العقلاء ، مخالفون فى نفى الجهة عن الله ـ تعالى ـ وإن اكتفى فى ذلك بمجرد الدعوى ؛ فقد لا تؤمن المعارضة بمثله فى طرف النقيض.
وعن الشبهة الثانية :
باختيار أنه لا داخل العالم ، ولا خارجا (٤) عنه ؛ فإن ذلك إنما (٤) هو من لوازم الجهة والحيز ، فما لا يكون فى جهة ، ولا حيز ؛ فلا يكون متصفا به.
والقول بأن ذلك غير معقول ، إنما يصح فيما كان من ذوات الجهة والحيز. أما ما ليس من ذوات الجهة والحيز ؛ فالقول بأنه (٥) إما داخل العالم ، وإما خارج (٥) عنه ؛ لا يكون معقولا.
وعن الشبهة الثالثة :
منع أنه لا معنى للقائم بنفسه غير المتحيز ؛ بل القائم بنفسه : هو المستغنى عن محل يقومه. والبارى ـ تعالى ـ كذلك ؛ وذلك لا يلزم منه كونه فى الجهة.
__________________
(١) فى ب (حيزه).
(٢) فى أ (فلا).
(٣) فى ب (للحيز والجهة).
(٤) فى ب (ولا خارج فإن ذلك).
(٥) فى ب (بأنه داخل أو خارج).