الفصل الأول
فى إثبات الإرادة الحادثة ، وأحكامها
كنا بينا فى مسائل الصفات اختلاف الناس فى معنى الإرادة ، وما هو المختار فيها ، وبينا أنها منقسمة : إلى قديمة ، وحادثة ، وبينا ثبوت القديمة منها (١).
وهذا : أوان بيان ثبوت الحادثة منها.
وقد اتفق العقلاء : على ثبوت الإرادة الحادثة شاهدا ، غير الجاحظ. علي ما أسلفناه فى مسائل الصفات. وهو مخصوم : بما يجده كل عاقل من نفسه من مكنة تخصيص حركاته المقدورة بوقت دون وقت ، وحالة دون حالة ، بخلاف حركاته الاضطرارية ، وليست مكنة التخصيص بحالة دون حالة راجعة إلى صفة الحركة المقدورة ، والحركة الاضطرارية / ؛ بل هى راجعة إلى المتحرك ، وليست هى نفس ذاته ؛ لوجود ذاته فى الحالتين ؛ فلم يبق إلا أن تكون صفة من صفات ذاته واختصاصه بالتمكن من التخصيص فى إحدى الحالتين دون الأخرى : إما أن يكون بمخصص أو لا بمخصص.
لا جائز أن يكون لا بمخصص (٢) ؛ لما سيأتى فى إثبات الأعراض (٣).
وإن كان بمخصص : فذلك المخصص : إما عدم ، أو وجود.
لا جائز أن يكون عدما ؛ لما تحقق فى مسألة الرؤية ، ولما يأتى في العلل ، والمعلولات (٤) ، ولما يأتى فى إثبات الأعراض (٥).
وإن كان وجوديا : فإما ذاته ، أو بعض ذاته ، أو زائدا على ذاته.
لا جائز أن يقال بالأول ، والثانى : لكونه عاما للحالتين. وإن كان زائدا على ذاته ؛ فليس هو نفس الحياة ، ولا العلم ، ولا غيره من الصفات المشتركة بين الحالتين ، ولا هو
__________________
(١) انظر ل ٦٥ / أوما بعدها.
(٢) فى أ (بمخصص).
(٣) انظر الجزء الثانى ل ٣٩ / ب وما بعدها.
(٤) انظر الجزء الثانى ل ١١٧ / ب وما بعدها.
(٥) انظر الجزء الثانى ل ٣٩ / ب وما بعدها.