الفصل الثانى
فى أضداد الإرادة الحادثة
وهى تنقسم : إلى أضداد خاصة. وإلى أضداد عامة.
أما الخاصة :
فالكراهية : وهى ضد الإرادة باتفاق الأئمة. ولم يمنعوا من اتصاف الرب ـ تعالى ـ بها ، خلافا للأستاذ أبى إسحاق ، فإنه قال : الكراهة لا يوصف بها البارى ـ تعالى ـ لأن الكراهة راجعة إلى النفرة عن الشيء ، والنفرة عنده من ضروب الآلام. والرب ـ تعالى ـ لا يوصف بشيء من الآلام ، وهو على خلاف الإطلاق الشائع الذائع من الأمة بكون الله (١) ـ تعالى ـ كارها لكذا ، وغير كاره لكذا ، ولو كانت الكراهة ألما ، أو نفرة ؛ لما وصف بها الرب ـ تعالى ـ إذ هو لا يوصف بالألم ، والنفرة.
وأيضا : فإنه لو كانت الكراهية هى النفرة ، أو ضرب من الألم ؛ لكان قول القائل : كرهت بمنزلة قوله : تألّمت ، ونفرت. ولو كان كذلك ؛ لما (٢) صح (٢) قول القائل : كرهت الأمر الفلانى ؛ إذ هو بمنزلة قوله : تألمت الأمر الفلانى ، أو نفرت الأمر الفلانى ؛ وهو محال.
فإن قيل : لو كانت الكراهية ضد الإرادة ، لما اجتمعا. والمعصية الواقعة عندكم مرادة لله ـ تعالى ـ ومكروهة له.
قلنا : حدوث المعصية الواقعة عندنا هو المراد ، وحدوثها ليس بمكروه ؛ بل المكروه كونها معصية ، وكونها معصية ؛ خارج عن نفس الحدوث المراد ؛ فما اجتمعا.
وأما الأضداد العامة :
فالموت ، والنوم ؛ بالاتفاق.
وأما الغفلة ، والسهو ؛ فالإجماع منا ، ومن المعتزلة ، وكل عاقل ـ واقع على أنه لا يجامع الإرادة. بمعنى أن إرادة الشيء لا تجتمع مع السهو عن ذلك الشيء. وهل هما
__________________
(١) فى ب (الرب).
(٢) فى ب (لم يصح).