وذلك لأنه لو كان كما ذكرتموه ؛ فكل ما هو مراد لله ـ تعالى ـ فلا بد من وقوعه ، وما ليس مرادا (١) لله (١) ؛ فيمتنع وقوعه.
ويلزم من ذلك أن يكون العبد مضطرا ، وملجأ إلى ما (٢) يفعل ، وإلى ما لا (٢) يفعل على وجه لا يتمكن من الفعل بدل الترك ، والترك بدلا عن الفعل ؛ وهو خلاف الحس.
ويلزم منه إبطال الأمر ، والنهى ، والثواب ، والعقاب : على الطاعات ، والمعاصى ؛ وهو خلاف الشرع ، والدين ، وإجماع المسلمين.
والجواب :
قولهم : لا نسلم أن كل كائن مخلوق لله ـ تعالى ـ فدليله ما سبق فى الأصل الثانى.
قولهم : لا نسلم كونه مريدا له.
قلنا : دليله ما بيناه.
قولهم : الكفر ، والمعاصى منهى عنه ، وعنها ، مسلم.
قولهم : كل منهى مكروه غير مراد الكون.
قلنا : لا نسلم أن كل منهى غير مراد الكون ، والمكروه لله من المنهى الواقع : إنما هو كونه معصية ، لا نفس حدوثه ؛ كما سبق فى أضداد الإرادة.
قولهم : لو قال القائل لغيره : أنهاك عن كذا ، وأريد وقوعه منك ، ولا أكرهه ؛ كان تناقضا.
لا نسلم ذلك. وكيف يستقيم ذلك ، والسيد المعاتب من جهة السلطان على ضرب عبده المتواعد منه بأليم عقابه : إذا اعتذر عن ذلك / بمخالفته لنهيه (٣) فقال : انهه بين يدى. فنهاه عن فعل من الأفعال طلبا للخلاص من عقاب السلطان ؛ فإنا نعلم أنه (٤) لا يكره منه الفعل الّذي نهاه عنه ؛ بل يكون مريدا منه أن لا يفعل ، تحقيقا لنجاته ، وبسط
__________________
(١) فى ب (بمراد).
(٢) فى ب (ما يفعله وما لا يفعله).
(٣) فى ب (لنهيه عنه).
(٤) فى ب (يكره).