وعلى هذا : فكل تسمية من حيث إنها صفة للقائل بها اسم لا يدخله الصدق ، ولا الكذب ، وإن دخلها ذلك من جهة كونها تسمية ، وليس كل اسم تسمية ؛ فإن العلم اسم لمن هو صفة له ، وليس تسمية ؛ لأنه ليس بقول دال. ولو قال الله ـ تعالى ـ : كلامى صدق ؛ فالاسم ، والتسمية فيه (١) ، والمسمى (١) واحدا ؛ إذ التسمية كلامه ، وهو الاسم المدلول ، وهو المسمى ولو قال تعالى : أنا الله ؛ فالاسم هو المسمى. والتسمية كلامه ؛ وليست عين المسمى ، ولا غيره.
ولو قال ـ تعالى ـ : أنا العالم ؛ فالتسمية قوله والاسم علمه ، والمسمى ذاته ؛ وليس كل واحد من التسمية ، والاسم ، والمسمى (٢) هاهنا (٢) هو عين الآخر ، ولا غيره.
ولو قال ـ تعالى ـ : أنا الخالق ؛ فالتسمية قوله ، والمسمى ذاته ؛ وليست التسمية هاهنا عين المسمى ، ولا غيره. والاسم هو (الخالق) (٣) ؛ وهو غير التسمية والمسمى.
ولو قال الواحد منا : الله ، أو قال : الله عالم ، أو الله خالق ؛ فالتسمية هى قول الواحد منا. وهى غير الاسم ، والمسمى فى جميع هذه الصور.
وفى الصورة الأولى : الاسم هو المسمى.
وفى الثانية : الاسم ليس هو عين المسمى ، ولا غيره.
وفى الثالثة : الاسم هو غير المسمى.
فإن قيل : المراد من النصوص المذكورة : إنما هو المسمى ، بطريق حذف المضاف ، وإقامة المضاف إليه مقامه ، كما فى قوله ـ تعالى ـ : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (٤). أى أهل القرية على ما سبق تحقيقه. وعليه يجب حمل كلام سيبويه. ودليل التأويل ما سنذكره عن قرب.
__________________
(١) فى ب (والمسمى فيه).
(٢) فى ب (والمعنى).
(٣) فى أ (الخلق).
(٤) سورة يوسف ١٢ / ٨٢.