وإن لم يكن الرب ـ تعالى ـ قبل حدوث ذلك المحل محتاجا إلى حلوله فيه فبعد حدوثه (١) : إما أن يكون محتاجا إليه ، أو لا يكون محتاجا إليه.
فإن كان محتاجا إليه : ففى حالة احتياجه إليه يخرج عن كونه واجب الوجود ؛ وهو محال.
وإن لم يكن محتاجا إليه : ففى حالة حلوله فيه : إما أن يكون قائما بنفسه ، أو بذلك المحل.
فإن كان قائما بنفسه ؛ والمحل قائم بنفسه ؛ فليس القول بحلول أحدهما فى الآخر ، أولى من العكس ؛ بل الواجب أن كل واحد قائم بنفسه ، وليس محلا للآخر ، ولا حالا فيه.
وإن كان قائما بذلك المحل لا بنفسه ؛ فليس واجب الوجود لذاته ؛ ضرورة تقومه بغيره ؛ وهو محال.
المسلك الثانى :
أنه لو حلت ذاته فى محل ؛ فذلك المحل : إما أن يكون قابلا للانقسام ، أو لا يكون قابلا للانقسام.
فإن كان قابلا للانقسام : فما حل فيه وطابقه ، يجب أن يكون أيضا قابلا للانقسام ؛ فتكون ذات الرب ـ تعالى ـ قابلة للانقسام ، ومركبة من أجزاء ، وكل واحد من أجزائها غيرها ؛ إذ المفهوم من الجملة ، يزيد على المفهوم من كل / واحد من الأفراد ؛ فيكون غير كل واحد من الأفراد ، وهو مفتقر إلى كل واحد من الأفراد ، وما كان مفتقرا فى وجوده إلى غيره ؛ فلا يكون واجب الوجود لذاته.
وإن لم يكن المحل قابلا للانقسام : فيكون من الصغر ، والحقارة بمنزلة الجوهر الفرد ، فما حل فيه يكون مثله ؛ والرب يتعالى ويتقدس عن ذلك.
__________________
(١) فى ب (الحدوث).