وذهب نسطور (١) الحكيم : الّذي ظهر فى زمان المأمون ـ : الى أن الله ـ تعالى ـ واحد ، والأقانيم الثلاثة ليست غير ذاته ، ولا (٢) هى نفس (٢) ذاته ، وفسر أقنوم العلم بالنطق ، والكلمة. وقال : الله ـ تعالى ـ موجود حي ناطق. وأن الكلمة اتحدت بجسد المسيح عليهالسلام لا بمعنى الامتزاج ؛ بل بمعنى الإشراق ، أى أنها أشرقت عليه : كإشراق الشمس من كوة على بلور.
ومن النسطورية (٣) من قال : إن كل واحد من الأقانيم الثلاثة : حي ، ناطق ، إله ، وصرحوا بالتثليث (٤) : كمذهب الملكانية ؛ كما سبق.
ومنهم : من منع من ذلك.
ومنهم : من أثبت لله ـ تعالى صفات أخرى : كالقدرة ، والإرادة ، ونحوها ؛ ولكن لم يجعلوها أقانيم : كالحياة (٥) ، والعلم (٥). وزعموا أن الابن لم يزل متولدا من الأب ؛ وإنما تجسد ، وتوحد بجسد المسيح حين ولد ، والحدوث راجع إلى الناسوت ؛ فالمسيح إله تام ، وإنسان تام ؛ وهما جوهران قديم ، وحادث ؛ والاتحاد غير مبطل لقدم القديم ، ولا / لحدوث المحدث ، واتفقوا على أن القتل ، والصلب إنما ورد على الناسوت ، دون اللاهوت. ومنهم من قال : بأن الإله واحد ، وأن المسيح ابتدأ من مريم ، وأنه عبد صالح مخلوق. إلا أن الله ـ تعالى ـ شرفه ، وكرمه ؛ لطاعته ، وسماه ابنا على سبيل التبنى ؛ لا أنه ولد منه.
__________________
(١) نسطور هو مؤسس النسطورية ، وقد ظهر فى أوائل القرن الثانى الميلادى ، وجلس على كرسى البطريركية فى بيزنطة (القسطنطينية) وفيها أعلن مذهبه فى طبيعة المسيح ، وقد أثار عليه ثورة كبرى فى العالم المسيحى وقتئذ.
وقد تابع الآمدي الشهرستانى على خطئه حيث ذكر أن نسطور ظهر فى زمان المأمون ، والحق أن نسطور قد ظهر قبل المأمون بأكثر من ستة قرون.
(انظر المغنى ٥ / ٨٤ والملل والنحل ٢ / ٢٩ ، ٣٠ ونشأة الفكر الفلسفى ١ / ٩٨ ـ ١٠١.
(٢) فى ب (ولا نفس).
(٣) النسطورية : هم أصحاب نسطور الحكيم الّذي مرت ترجمته. أما عن آرائهم بالتفصيل ؛ فانظر الملل والنحل ٢ / ٢٩ ، ٣٠ والمغنى ٥ / ٨٤ ونشأة الفكر الفلسفى ١ / ٩٨ ـ ١٠١.
(٤) فى ب (بالثلاث).
(٥) فى ب (كالعلم والحياة).