وإذا أتينا على تفصيل مذاهبهم ، وإيضاح عقائدهم ، والتنبيه على الأشبه من أدلتهم ؛ فلا بد من التشمير لا فسادها ، وتحقيق إبطالها. من جهة الاستدلال ، والمناقضة ، والإلزام فى كل موضع على حسبه إن شاء الله تعالى.
فنقول :
أما قولهم : بأن الله ـ تعالى ـ جوهر بالمعنى المذكور ؛ فلا نزاع معهم فيه من جهة المعنى ؛ بل من جهة الإطلاق اللفظى سمعا ، وقد حققنا ما فيه فى مسألة (١) أن الله ـ تعالى ـ ليس بجوهر (١).
وأما حصرهم الأقانيم فى ثلاثة : وهى صفة الوجود ، والحياة ، والعلم ؛ فباطل.
أما أولا : فقد (٢) بينا أن (٢) الحجج فى أن صفة الوجود هل هى زائدة على ذات الله ـ تعالى ـ متعارضة ، متنافية من غير ترجيح ؛ وذلك مما يتعذر معه (٣) الجزم بكونه صفة زائدة (٤).
وأما ثانيا : فلأنهم لو طولبوا بدليل الحصر ، لم يجدوا إليه سبيلا سوى قولهم : بحثنا : فلم نجد غير ما ذكرناه ؛ وهو غير يقينى ؛ لما سلف (٥).
ثم هو باطل بما حققناه : من وجوب إثبات صفة القدرة ، والإرادة ، والسمع ، والبصر ، والكلام.
فإن قالوا : الأقانيم هى خواص الجوهر ، وصفات نفسه ، ومن حكمها أن تلزم الجوهر ، ولا تتعداه إلى غيره ؛ وذلك متحقق فى الوجود ، والحياة ؛ إذ لا تعلق لوجود الذات / القديمة ، وحياتها بغيرها ، وكذلك العلم ؛ اذ العلم مختص بالجوهر ، من حيث هو معلوم به. وهذا بخلاف القدرة والإرادة ؛ فإنها لا اختصاص لها بالذات القديمة ؛ بل هى متعلقة بالغير مما هو مقدور ، ومراد ؛ والذات القديمة غير مقدورة ، ولا مرادة.
وأيضا : فإن الحياة تجرى من القدرة ، والإرادة من حيث أن الحى لا يخلو عنهما ، بخلاف العلم ، فإنه قد يخلو عنه ؛ ولأنه يمتنع إجراء الحياة عن العلم ؛ لاختصاص
__________________
(١) فى ب (فيما سبق) انظر ل ١٤٢ / أوما بعدها.
(٢) فى ب (فإنا قد بينا).
(٣) فى ب (عنده).
(٤) زائد فى ب (متعارضة متنافية من غير ترجيح بكونه صفة زائدة).
(٥) فى ب (لما سيأتى). انظر ل ٣٨ / أ.