الرابع : أن الإجماع منعقد منا ومن النصارى على أن أقنوم الجوهر القديم ، مخالف للناسوت. كما أن صفة نفس الجوهر ؛ تخالف نفس العرض ، وصفة نفس العرض ؛ تخالف الجوهر.
فإن قالوا : بجواز اتحاد صفة الجوهر بالعرض ، أو صفة العرض بالجوهر ، حتى أنه يصير الجوهر فى حكم العرض ، أو العرض فى حكم الجوهر ؛ فقد التزموا محالا ؛ مخالفا لأصولهم.
وإن قالوا : بامتناع اتحاد صفة نفس (١) الجوهر بالعرض ، وصفة العرض بالجوهر ، مع أن العرض والجوهر : أقبل للتبدل (٢) ، والتغير (٢) ؛ فلأن يمتنع ذلك فى القديم والحادث أولى.
وقولهم : إن المسيح إنسان كلى ؛ فهو باطل من أربعة أوجه :
الأول : أن الإنسان الكلى لا اختصاص له بجزئى دون جزئى من الناس ، وقد اتفقت النصارى على أن المسيح مولود من مريم عليهماالسلام.
وعند ذلك : فإما أن يقال : إن إنسان مريم كلى : كما ذهب إليه بعضهم ، وإما جزئى.
فإن كان كليا : فإما أن يكون هو عين إنسان المسيح ، أو غيره. فإن كان عينه فمحال : تولد (٣) الشيء من نفسه. ثم يلزم أن يكون المسيح مريم ، ومريم هى المسيح ، ولم يقل بذلك أحد منهم.
وإن كان غيره ؛ فالإنسان الكلى ما يكون عاما مشتركا بين جميع الناس ، وطبيعته جزء من معنى كل إنسان ؛ ويلزم من ذلك أن يكون إنسان المسيح وطبيعته جزء من مفهوم إنسان مريم ، وكذلك بالعكس ، وهو مقطوع (٤) بإحالته. وإن كان إنسان مريم جزئيا ، فمن ضرورة كون المسيح مولودا عنها أن يكون الكلى الصالح لاشتراك الكثرة فيه منحصرا فى الجزئى الّذي لا / يصلح لاشتراك الكثرة فيه ؛ وهو ممتنع.
__________________
(١) فى ب (ونفس).
(٢) فى ب (للتبديل وللتغيير).
(٣) فى ب (أن يولد).
(٤) فى ب (محكوم).