/ وأما قول بعض اليعقوبية : إن الكلمة انقلبت لحما ، ودما ، وصار الإله هو المسيح ؛ فهو أظهر بطلانا مما تقدم وبيانه من وجهين :
الأول : أنه لو جاز انقلاب الأقنوم لحما ودما ، مع اختلاف حقيقتهما ؛ لجاز انقلاب المستحيل ممكنا ، والممكن مستحيلا ، والواجب ممكنا ، أو ممتنعا ، والممكن ، أو الممتنع واجبا ؛ ولم يبق لأحد وثوق بشيء من القضايا البديهية ؛ ولجاز أن (١) ينقلب (١) الجوهر عرضا ، والعرض جوهرا ، وانقلاب اللحم والدم أقنوما. والأقنوم ذاتا ، والذات أقنوما. وانقلاب القديم حادثا ، والحادث قديما ، ولم يقل بذلك أحد من العقلاء.
الثانى : أنه لو انقلب الأقنوم لحما ، ودما : فإما أن يكون هو عين الدم واللحم الّذي للمسيح ، أو زائدا عليه منضما إليه.
فإن كان الأول : فهو محال ؛ إذ لحم المسيح ، ودمه لم يتغير ، ولا معنى لانقلاب الأقنوم إليه مع عدم الزيادة فيه عند عدم الأقنوم ؛ وهو غير قابل للعدم بالاتفاق.
وإن كان الثانى : فلم يقولوا به.
وأما قولهم : اللاهوت ظهر بالناسوت ، وصار هو هو :
فإما أن يريدوا به أن اللاهوت صار عين الناسوت : كما صرحوا به من قولهم : صار هو ، هو ؛ فحاصله يرجع إلى تجويز انقلاب الحقائق ؛ وهو محال كما تقدم.
وإما أن يريدوا به أن اللاهوت اتصف بالناسوت ؛ وهو أيضا محال ؛ لما تقدم من امتناع حلول القديم بالحادث (٢). أو أن الناسوت اتصف باللاهوت ؛ وهو أيضا محال ؛ لما تقدم من امتناع حلول (الحادث (٣) بالقديم (٣))
وأما من قال منهم بأن جوهر الإله القديم ، وجوهر الإنسان المحدث تركبا وصارا جوهرا واحدا : هو المسيح ؛ فهو باطل من وجهين :
الأول : ما ذكرناه فى إبطال الاتحاد.
__________________
(١) فى ب (انقلاب).
(٢) انظر ل ١٥٥ / أوما بعدها.
(٣) فى أ (القديم بالحادث) انظر ل ١٤٦ / أوما بعدها.