«المسألة الأولى»
«فى أنه ليس بجوهر»
مذهب أهل الحق (١) : أن الله ـ تعالى ـ ليس بجوهر.
وذهبت الفلاسفة ، والنصارى إلى أنه ـ تعالى ـ جوهر بسيط لا تركيب فيه. وربما تحاشى بعض الحذاق من الفلاسفة : كابن سينا (٢) ، وغيره ، من إطلاق اسم الجوهر على الله ـ تعالى ـ مصيرا منه إلى أن الجوهر : هو الّذي له ماهية إذا وجدت فى الأعيان كان وجودها لا فى موضوع ؛ وذلك لا يكون إلا فيما وجوده يزيد على ماهيته. والبارى ـ تعالى لا يزيد وجوده على ماهيته ؛ بل ذاته وجوده ، ووجوده ذاته ؛ فلا يكون جوهرا.
والمعتمد (٣) هو أنا نقول :
لو كان البارى ـ تعالى ـ جوهرا ؛ لم يخل ؛ إما أن يكون جوهرا كالجواهر ، أو لا كالجواهر.
فإن كان الأول : فهو محال لوجوه خمسة :
الأول (٤) : أنه لا يخلو : إما أن يكون وجوده واجبا لذاته ، أو ممكنا لذاته.
فإن كان واجبا لذاته : لزم اشتراك جميع الجواهر فى وجوب الوجود لذاتها ؛ ضرورة اشتراكها فى معنى الجوهرية ؛ وهو محال.
__________________
(١) من كتب أهل الحق المتقدمين على الآمدي :
انظر التمهيد للباقلانى ص ٧٨
والإرشاد لإمام الحرمين ص ٤٦ وما بعدها والاقتصاد فى الاعتقاد للغزالى ص ٢٠ ونهاية الأقدام للشهرستانى ص ١٠٣ وما بعدها وأساس التقديس للرازى ص ١٦ وما بعدها والمحصل له أيضا ص ١١٣.
ومن كتب الآمدي : غاية المرام ص ١٨٢
ومن كتب المتأخرين المتأثرين بالآمدي :
انظر شرح المواقف ٢ / ٣٤٠ المقصد الثالث. وشرح المقاصد ٢ / ٤٨.
(٢) انظر رسالة الحدود لابن سينا ص ٨٨ ضمن تسع رسائل فى الحكمة والطبيعيات طبع بمصر سنة ١٩٠٨ م.
(٣) نقل ابن تيمية كلام الآمدي فى كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ١٣٨ ، ١٣٩) من أول قول الآمدي «والمعتمد هو أنا نقول ... إلى قوله : إذن من الشرع»
نقله بنصه مختصرا ، ثم علق عليه وناقشه فى ص ١٣٩ وما بعدها.
ثم عاد ونقل الوجوه الخمسة بالتفصيل وناقشها من أول ص ١٤٩ إلى ص ١٧٥ وسأشير إلى هذه النقول بالتفصيل.
(٤) نقل ابن تيمية هذا الوجه بالمعنى وعلق عليه (درء التعارض ٤ / ١٤٩ ـ ١٥١) ،