«المسألة التاسعة»
فى امتناع اتصاف الرب ـ تعالى ـ بشيء من الكيفيات
المحسوسة بالحواس الظاهرة ، وغيرها
أما المحسوسة بالحواس الظاهرة : فكاللّون ، والطّعم ، والرائحة ، والحرارة ، والبرودة ، والرطوبة ، واليبوسة ، ونحو ذلك.
وأما غير المحسوسة بالحواس الظاهرة : فكاللذة ، والألم ، والنفرة ، والحزن ، والفرح ، والغم ، والغيظ ، والغضب ، والوحشة ، والأنس ، والتأسف ، والتمنى ، والشهوة ، والبطر ، وغير ذلك.
وهذه المسألة مما لا نعرف خلافا بين العقلاء فيها. وحيث قالت الفلاسفة إن الله ـ تعالى ـ ملتذ بكمالاته ؛ لم يقولوا إنه ملتذ بلذة. غير أن العادة جارية / بذكر الدلالة عليه.
وقد استدل الأصحاب فى ذلك بمسالك :
المسلك الأول :
وهو معتمد الأكثرين ، وهو أنهم قالوا : لو اتصف الرب ـ تعالى ـ بشيء من هذه الكيفيات المحسوسة لم تخل : إما أن تكون قديمة ، أو حادثة.
لا جائز أن تكون حادثة : وإلا كان الرب ـ تعالى ـ محلا للحوادث ؛ وهو ممتنع كما سبق (١).
ولا جائز أن تكون قديمة : لأن جميع الكيفيات المحسوسة متساوية فيما يرجع إلى الكمال والنقصان ؛ وليس منها ما هو صفة كمال للرب ـ تعالى ـ حتى يكون متصفا به دون غيره ؛ فتكون متساوية فى جواز تقدير اتصاف الرب ـ تعالى ـ بكل واحدة منها. وليس تقدير اتصافه ببعضها ، أولى من تقدير اتصافه بغيرها ، وما هذا شأنه استحال اتصافه بكونه قديما ؛ إذ القديم واجب الوجود ، فيمتنع تقدير عدمه وفرض وجود ضده. وإذا امتنع كل واحد من القسمين امتنع أن يكون متصفا بشيء منها.
__________________
(١) انظر ل ١٤٦ / أوما بعدها.