فإن كان الأول : فيلزم أن تكون الحادثة أيضا قديمة ؛ ضرورة التماثل ، وأن ما اقتضاه أحد المثلين لذاته ؛ كان الآخر مقتضيا له أيضا
وإن كان الثانى : فذلك المخصص : إما أن يكون مخصصا بالذات ، أو الاختيار.
فإن كان مخصصا بالذات ؛ فليس تخصيصه بالقدم لأحد المثلين ، والحدوث بالآخر أولى من العكس ؛ لتساوى نسبة ذاته إليهما.
وان كان بالاختيار : فكل معلول بالاختيار لا يكون إلا حادثا على ما سيأتى ، ويلزم أن يكون معلوله من القديم حادثا ؛ وهو محال.
ولقائل أن يقول :
قد ثبت على أصلكم اتصاف البارى ـ تعالى ـ بالعلم ، والقدرة ، والإرادة ، وغير ذلك من الصفات المذكورة. فإما أن تكون مماثلة لما وجد من الصفات فى الشاهد من العلم ، والقدرة ، والإرادة. أو هى غير مماثلة لها.
فإن كان الأول : فالإشكال لازم عليكم ، وما هو جوابكم ثمة هو الجواب هاهنا.
وإن كان الثانى : فما المانع من أن ثبوت كيفية لله تعالى ـ من بياض ، أو حرارة ، أو برودة ، أو غير ذلك على وجه تكون نسبتها إلى ما فى الشاهد نسبة ما أثبتموه من الصفات النفسانية إلى ما فى الشاهد.
سلمنا : امتناع اتصافه بكيفية مماثلة لما فى الشاهد ؛ ولكن ما المانع من اتصافه بكيفية مخالفة لكل ما وجد فى الشاهد ؛ وذلك مما لا دليل عليه؟
المسلك الثالث :
أنهم قالوا ثبوت شيء من هذه الكيفيات مما لم يدل عليه عقل ، ولا أشار إليه نقل ؛ فلا يثبت.
وحاصل هذا المسلك راجع إلى الحكم بانتفاء المدلول لانتفاء دليله ، وهو فاسد ؛ لما تقدم فى قاعدة الأدلة (١).
__________________
(١) راجع ما تقدم فى القاعدة الثالثة ـ الباب الثانى ـ الفصل السابع : فيما ظن أنه من الأدلة المفيدة لليقين وليس منها. ل ٣٨ / ب وما بعدها.