وهو ضعيف أيضا ؛ لأن حاصله يرجع إلى الحكم بنفى المدلول ، لانتفاء دليله ؛ وهو باطل على ما سبق فى تحقيق الدليل (١).
المسلك الثالث :
مسلك التمانع ، وعليه اعتماد أكثر أئمتنا (٢) ، وهو أن يقال : لو قدرنا وجود إلهين متصفين بصفات الإلهية من العلم ، والقدرة ، والإرادة ، ونحو ذلك مما سبق بيانه. وقدرنا أن أحدهما أراد تحريك جوهر فى وقت معين ، والآخر أراد تسكينه / فى ذلك الوقت : فإما أن يحصل مرادهما معا ، أو لا يحصل [(٣) مرادهما معا. أو يحصل مراد أحدهما دون الآخر] (٣).
فإن كان الأول : لزم حصول مراديهما ، ويلزم من ذلك ، اجتماع الحركة والسكون معا ؛ وهو محال.
وإن كان الثانى : فهو ممتنع لوجهين :
الأول : أنه يلزم منه أن يكون كل واحد منهما عاجزا ، والعاجز لا يكون إلها.
الثانى : أنه يلزم منه أن يكون كل واحد منهما عاجزا بعجز : إما قديم ، أو حادث ، وكل واحد من الأمرين ممتنع ؛ كما تقدم فى بيان كون الإله ليس بعاجز (٤).
وإن كان الثالث : وهو حصول مراد أحدهما دون الآخر ؛ فممتنع للوجهين المذكورين فى القسم الّذي قبله.
وهذه المحالات ، إنما لزمت من القول بتعدد الآلهة ؛ فيكون محالا.
وفيه نظر إذ لقائل أن يقول : ما ذكرتموه من الأقسام المحالة ، إنما هو فرع تصور إختلاف الإلهين فى الإرادة ؛ وهو غير مسلم.
__________________
(١) انظر ل ٣٨ / ب.
(٢) منهم الأشعرى فى اللمع ص ٢٠ ، ٢١ والباقلانى فى التمهيد ص ٤٦ ، ١٥١ ، ١٥٢ والبغدادى فى أصول الدين ص ٧٥ ، ٨٥ والجوينى فى الإرشاد ص ٣٥ والرازى فى المحصل ص ١٤٠.
(٣) فى أ (ولا مراد أحدهما أو مراد أحدهما دون الآخر).
(٤) انظر ل ١٦٤ / ب وما بعدها.