التوحيد في الذات
(١)
واحد : ليس له نظير ولا مثيل
إنّ من أبرز صفاته تعالى أنه تعالى واحد لا ثاني له ، وهذا هو المصطلح عليه في ألسنة المتكلمين بالتوحيد الذاتي ، يهدفون به نفي أي مثل له. وربما يطلق التوحيد الذاتي على كونه سبحانه واحدا بمعنى أنّه بسيط لا جزء له. ولأجل التفريق بين هذين التوحيدين الذاتيين يعبرون عن الأول ، بالتوحيد الواحدي ، مشيرين إلى أنه لا ثاني له ، وعن الثاني بالتوحيد الأحدي ، مشيرين به إلى أنه تعالى لا جزء له. وقد أشار سبحانه إليهما في سورة (الإخلاص) فقال في صدر السورة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) هادفا إلى أنه بسيط لا جزء له وقال في ختامها : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) بمعنى لا ثاني له وقد فسرت الآيتان على النحو الذي ذكرناه دفعا للزوم التكرار. ونحن نبحث عن كل قسم من التوحيدين في فصل خاص ، وهذا الفصل مختص بالقسم الأول منهما.
ثم إنّه ربما يستعمل في هذا المقام «نفي الشّريك» ، ولكنه أخص مما نتبناه ، فإنه يهدف إلى تنزيهه سبحانه عن وجود شريك له في الخلق والتدبير والعبادة ، مع أنّ البحث أوسع من ذلك ، لأنه مركز على أنّه سبحانه واحد لا ثاني له (يمتنع تثنّيه) ، سواء أكان هناك خلق أم لا ، أكان هناك تدبير أم