سبحانه عن كل شين وعيب ، وعن كل ما يناسب صفة المخلوق فليس ذلك أمرا توقيفيا ، والتوقف حتى في تنزيهه سبحانه عن صفات المخلوقين ، ونقص الممكنات ، ليس أمرا توقيفيا ، وإلّا لكان معنى ذلك تعطيل باب المعارف. ومن يتوقف في تنزيهه عن هذه الصفات غير المناسبة لساحته سبحانه فهو معطّل في باب المعرفة ، عنّين في ذلك المجال قال سبحانه : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (١).
وعلى ذلك يترتب نفي كل صفة تناسب صفة الممكنات وكل نقص لا يجتمع مع الغنى ووجوب الوجود ، سواء أكان داخلا فيما عددناه في عنوان البحث أو خارجا عنه ، غير أنا توضيحا للبحث نشير إلى دليل كل واحد مما أوردناه في العنوان.
١ ـ ليس بجسم
عرّف الجسم بتعاريف مختلفة لا يتسع المجال لذكرها. وعلى كل تقدير فالجسم هو ما يشتمل على الأبعاد الثلاثة من الطول والعرض والعمق ، وعلى قول ما يشتمل على الأبعاد الأربعة بإضافة البعد الزماني إلى الأبعاد الثلاثة المكانية.
وهو ملازم للتركيب ، والمركّب محتاج إلى أجزائه ، والمحتاج ممكن الوجود لا واجبه ، والممكن لا يكون إلها خالقا مدبّرا تنتهي إليه سلسلة الموجودات.
وبدليل آخر ، إنّ كل جسم محتاج إلى الحيّز والمحل ، والمحتاج إلى غيره ممكن لا واجب.
وبدليل ثالث ، إنّ الحيّز أو المحل ، إمّا أن يكون واجب الوجود كالحالّ ، فيلزم تعدد الواجب ، وإمّا أن يكون ممكن الوجود ، مخلوقا لله
__________________
(١) سورة الأنعام : الآية ٩١.