لا ، أكانت هناك عبادة أم لا. والتوحيد في هذه المراحل الثلاث : الخلق والتدبير والعبادة ، متأخر عن التوحيد الذاتي ، بمعنى أن ذاته واحدة لا ثاني لها.
وقد استدل الإلهيون على توحيد وجوده ببراهين عقلية واضحة ، كما أنه تعالى وصف نفسه في الذكر الحكيم بهذا الوصف مقترنا بالبرهان العقلي ونحن نكتفي من البراهين بأخصرها وأوضحها ولا نستقصيها جميعا ، ونقدم البحث عن معنى كونه واحدا.
معنى كونه واحدا
الوحدة على قسمين :
١ ـ الوحدة العددية ، وهي عبارة عن كون شيء واقعا تحت مفهوم عام وجد منه مصداق واحد ، وذلك مثل مفهوم الشمس الذي هو مفهوم وسيع قابل للانطباق على كثير ، غير أنه لم يوجد في عالم الحسّ منه إلّا مصداق واحد مع إمكان وجود مصاديق كثيرة له. وهذا هو المصطلح عليه ب «الواحد العددي».
٢ ـ الوحدة الحقيقية ، وهي عبارة عن كون الموجود لا ثاني له ، بمعنى أنه لا يقبل الاثنينية ، ولا التكثّر ولا التكرر. وذلك كصرف الشيء المجرد عن كل خليط. مثلا : الوجود المطلق عن كل قيد ، واحد بالوحدة الحقة ، لأنّه لا ثاني له. لأن المفروض ثانيا ـ بما أنه لا يتميز عن الأول ـ لا يمكن أن يعد شيئا آخر ، بل يرجع إلى الوجود الأول.
وعلى ضوء ذلك ، فالمراد من كون الشمس واحدة هو أنها واحدة لا اثنتان ولا ثلاثة ولا ... ولكن المراد ، من كون الوجود المطلق ، ـ منزها عن كل قيد ـ واحد ، أنه لا ثاني له ولا مثيل ولا شبيه ولا نظير ، أي لا تتعقل له الاثنينية والكثرة لأن ما فرضته ثانيا ، بحكم أنه منزه عن كل قيد وخليط يكون مثل الأول ، فلا يتميز ولا