الصفات السّلبية
(٣)
ليس محلا للحوادث
اتفق الإلهيّون ما عدا الكرّاميّة على أنّ ذاته تعالى لا تكون محلا للحوادث ، ويستحيل قيام الحوادث بذاته. والدليل على ذلك أنّه لو قام بذاته شيء من الحوادث للزم تغيّره ، واللازم باطل ، فالملزوم مثله.
بيان الملازمة : إنّ التغير عبارة عن الانتقال من حالة إلى أخرى. فعلى تقدير حدوث ذلك الأمر القائم بذاته ، يحصل في ذاته شيء لم يكن من قبل ، فيحصل الانتقال من حالة إلى أخرى.
وأمّا بطلان اللازم : فلأن التغيّر مستلزم للانفعال أي التأثّر ، وإلّا لما حصل له ، والاستعداد يقتضي أنّ يكون ذلك الشيء له بالقوة ، وذلك من صفات الماديات ، والله تعالى منزّه عنها فلا يكون منفعلا ، ولا يكون متغيّرا ، ولا يكون محلا للحوادث.
وبعبارة ثانية : إنّ التغيّر نتيجة وجود استعداد في المادة التي تخرج تحت شرائط خاصة من القوة إلى الفعل. فالبذر الذي يلقى في الأرض ويقع تحت التراب ، حامل للقوة والاستعداد ، ويخرج في ظل شرائط خاصة من تلك الحالة ويصير زرعا أو شجرا. فلو صحّ على الواجب كونه محلا للحوادث ، لصحّ أن يحمل وجوده استعدادا للخروج من القوة إلى الفعلية.