الصفات السلبية
(٤)
لا يقوم اللذة والألم بذاته
قد يطلق الألم واللذة ويراد منهما الألم واللذة المزاجيان. والألم حالة حاصلة من تغير المزاج إلى الفساد. واللذة حالة حاصلة من تغير المزاج إلى الاعتدال ، وعروض النشاط والسرور على الملتذ ، ومن كان متصفا بهما يجب أن يكون موجودا ماديا قابلا للانفعال. ومن المعلوم لزوم تنزيهه سبحانه عن المزاج والفعل والانفعال لاستلزامه توالي فاسدة لا تحصى.
وبالجملة ، فالألم واللذة من توابع المزاج ، منفيّان بانتفاء المتبوع.
وقد يطلقان ويراد منهما العقليان ، والمراد منهما إدراك كل قوة عقلية ما يلائمها أو ينافيها. فالقوة العاقلة لها كمال ولذّة هي إدراكها للمعقولات الكليّة. وإنكار ذلك مكابرة. فإن العلماء الغائصين في لجج التحقيق لهم لذات لا يختارون اللذات الحسية بأجمعها على أقل مسألة من مسائلها ، ويقابله الألم العقلي. ولأجل ذلك كلما كان المعقول أفضل وأتم ، كانت اللذة أبلغ وأوفر.
فلذا يكون إدراك القوة العقلية للمعقولات أتم من إدراك الحس للمحسوسات ، لأن القوة العقلية تصل إلى كنه المعقول وإلى ذاته وذاتياته ، فتكون اللذة العقلية أبلغ وأعظم من الحسية.