الصّفات السلبيّة
(٥)
امتناع رؤية الله سبحانه
اتفقت العدلية على أنّه سبحانه لا يرى بالأبصار لا في الدنيا ولا في الآخرة. وأما غيرهم ، فالكرّاميّة والمجسّمة الذين يصفونه سبحانه بالجسم ويثبتون له الجهة ، جوزوا رؤيته بلا إشكال في الدارين. وأهل الحديث والأشاعرة ـ مع عد أنفسهم من أهل التنزيه وتحاشيهم عن إثبات الجسمية والجهة له سبحانه ـ قالوا برؤيته يوم القيامة وأنه ينكشف للمؤمنين انكشاف القمر ليلة البدر ، تبعا لبعض الأحاديث ، واستظهارا من بعض الآيات وقد ذكر أبو الحسن الأشعري أقوالا مختلفة حول الرؤية ربما تناهز التسع عشر قولا ، وأوردها الواحدة تلو الأخرى وأكثرها لا يستحق الذكر.
ومن عجيب ما جاء في تلك الأقوال ما نقله عن «الضرار» و «حفص الفرد» من أنّ الله لا يرى بالأبصار ولكن يخلق لنا يوم القيامة حاسّة سادسة غير حواسنا ، وندرك ما هو بتلك الحاسّة. وقول البكرية : إنّ الله يخلق صورة يوم القيامة يرى فيها ويكلم خلقه منها. وقول حسين النجار إنه يجوز أن يحول العين إلى القلب ويجعل لها قوة العلم فيعلم بها ، ويكون ذلك العلم رؤية له (١).
__________________
(١) مقالات الإسلاميين ، ج ١ ، ص ٢٦١ ـ ٢٦٥ و ٣١٤.