يلاحظ عليه : إنّ المعلق عليه في قوله : (فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ) ليس هو إمكان الاستقرار ، بل وجود الاستقرار وتحققه بعد تجلّيه ، والمفروض أنه لم يتحقق بعد التجلي. وإذا كان إمكان الرؤية معلقا على تحقق الاستقرار بعد التجلي فينتج أنّ الرؤية ليست أمرا ممكنا لفقدان المعلّق عليه وهذا نظير قول القائل :
ولو طار ذو حافر قبلها |
|
لطارت ولكنّه لم يطر |
ثم إنّ الأشاعرة استدلت بعدّة أخرى من الآيات القرآنية ، نتركها للباحث الكريم. كما أنهم استدلوا ببعض الروايات نحن في غنى عن الإجابة عنها بعد دلالة العقل السليم والذكر الحكيم على امتناع الرؤية. ولكن إكمالا للبحث نأتي بأمرين :
الأمر الأول : جذور مسألة الرؤية
إنّ مسألة الرؤية إنما طرحت بين المسلمين من جانب الأحبار والرهبان بتدليس خاص. فإنّ أهل الكتاب يدينون برؤيته سبحانه ، ويظهر ذلك لمن راجع العهد القديم وإليك مقتطفات منه :
١ ـ «رأيت السيد جالسا على كرسي عال ... فقلت : ويل لي لأن عينيّ قد رأتا الملك ربّ الجنود» (إشعيا ٦ : ١ ـ ٦). والمقصود من السيد هو الله جل ذكره.
٢ ـ «كنت أرى أنه وضعت عروش وجلس القديم الأيام. لباسه أبيض كالثلج ، وشعر رأسه كالصوف النقي وعرشه لهيب نار» (دانيال : ٧ : ٩).
٣ ـ «أما أنا فبالبرّ أنظر وجهك» (مزامير داود ١٧ : ١٥).
٤ ـ «فقال منوح لامرأته : نموت موتا لأننا قد رأينا الله» (القضاة : ١٣).