الصّفات السلبيّة
(٦)
ليست حقيقته معلومة لغيره
إن أدوات المعرفة للإنسان عبارة عن القوى العقلية التي تقوم بالتعرف على الشيء بالوقوف على حدود وجوده وماهيته. فإذا كان الشيء مركبا من وجود وماهية ، فالوقوف على حده تعرّف على كنهه. فإذا أردنا أن نعرف الإنسان لزم إعمال القوى العقلية حتى نقف على مرتبة وجوده وذاته وذاتياته التي جسّدها عروض الوجود عليها في الخارج. فيقال إنّ ماهية الإنسان هي الحيوان الناطق أي ذلك المفهوم عاريا عن الوجود والعدم ، الذي إذا عرضه الوجود في الخارج جسّده وحققه.
وأما حقيقة الوجود العارض فلا يمكن للنفس التعرّف عليها ، لعدم المسانخة بين أدوات المعرفة والمعرّف. فإن الإنسان إنما يحصّل المعرفة بفكره وذهنه والمفاهيم التي تلقي ضوءا على الخارج. ومثل ذلك لا يمكن أن يتعرف إلّا على ما يسانخه من المفاهيم والماهيات. وأمّا الوجود المحقق للماهية فسنخه سنخ العينية والواقعية والخارجية ، فلا يحصّل الإنسان واقعيته لعدم السنخية بين العاقل والمعقول.
ولأجل ذلك اتفق أهل المعقول على أن الإنسان يعرف ماهية الأشياء وحدودها لا حقيقة الوجود العارض عليها الذي ليس له واقعية إلا العينية