(عليهالسلام) من قوله : «إنّ القضاء والقدر خلقان من خلق الله والله تزيد في الخلق ما يشاء»(١).
الثانية : إن كون التقدير والقضاء العينيّين منه سبحانه لا يلازم كون الإنسان مسلوب الاختيار ، لأن المفروض أنّ الحرية والاختيار من الخصوصيات الموجودة فيه ، فالله سبحانه قدر وجوده بخصوصيات كثيرة منها كونه فاعلا بالاختيار مقابل الفواعل الطبيعية التي لا تفعل إلا عن جبر طبيعي.
كما أنّه سبحانه إذ قضى بأفعال الإنسان فإنما قضى على صدورها منه عن طريق المبادي الموجودة فيه التي منها الحرية والاختيار. فقضى قضاء تكوينيّا بصدور فعل الإنسان منه عن اختياره وحريته التامة. وعلى ذلك فكون التقدير والقضاء العينيّين منه سبحانه لا يسلب الاختيار عن فاعل مختار مثل الإنسان.
نعم ، لو قدره بغير هذه الخصوصية وقضى على صدور فعله منه لا عن هذا الطريق ، لكان لما توهم مجال. وسيوافيك توضيح ذلك عند البحث عن العلميّين منهما.
هذان هما التقدير والقضاء العينيّان وهناك معنى آخر للعيني من القضاء والقدر يستفاد من آيات كثيرة ، والمعنيان غير متزاحمين ، غير أنا نعبر عن المعنى الأول بالقضاء والتقدير العينيّين الجزئيّين ، وعن الآخر بالعينيّين الكلّيّين. وإليك بيان ذلك القسم الآخر :
القضاء والقدر العينيّان الكليّان
إن وجود السّنن الإلهية السائدة على الكون والمجتمع الإنساني وعلى أفراده مما لا ينكر ، كما أنّ تأثير هذه السنن في السعادة والشقاء أمر قاطع لا
__________________
(١) التّوحيد ، ص ٣٦٤ ، الحديث ١.