ميسّر لما خلق (١).
هذه نماذج مما ذكره القوم في باب القدر ، وكأن القدر حاكم ، متعنت ، حمق ، قاس ، حقود ، على المساكين العاجزين بلا سبب ومبرر ، وبذلك شقيت الكفار والعصاة بشقاوة الأبد ، ولا مجال بعد ذلك لرأفته سبحانه ورحمته وإحسانه.
بل لقد قدّر كل ذلك لجماعة آخرين غرباء لا يهمه أمرهم بلا جهة ولا سبب ، كما في بعض رواياتهم : «خلقت هؤلاء للجنة ولا أبالي. وخلقت هؤلاء للنّار ولا أبالي».
عرض هذه الروايات على الكتاب
لا شك أنّ هذه الروايات مخالفة للكتاب والسنّة. فإنّ الكتاب يعرّف الإنسان في موقف الهداية والضلالة موجودا مختارا وأنّ هدايته وضلالته على عاتقه. قال سبحانه : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (٢).
وقال سبحانه : (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) (٣).
وقال سبحانه : (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) (٤).
__________________
(١) جامع الأصول ـ ج ١٠ ـ الحديث ٧٥٥٩ ، ص ٥١٦. ذكر العلامة الطباطبائي تفسيرا خاصا لهذا الحديث وأشباهه مما مر في رواية سراقة بن جعشم ، فراجع الميزان ، ج ١١ ، ص ٢٩. وسيوافيك توجيه آخر عند البحث عن السعادة والشقاء وقد روى الصدوق في كتاب التّوحيد روايات أئمة أهل البيت ربما يتمكن بها الإنسان من تفسير ما ورد في الصحاح والأسانيد فلاحظ ص ٣٥٤ ـ ٣٥٨.
(٢) سورة الدهر : الآية ٣.
(٣) سورة سبأ : الآية ٥٠.
(٤) سورة الأنعام : الآية ١٠٤.